ثلاثةَ أقسام: قسمٌ ضارع الأسماءَ مضارَعةٌ تامّةٌ، فاستحقّ به أن يكون معربًا، وهو الفعل المضارع الذي في أوّله الزوائد الأربع، وسيوضح أمر ذلك. والضرب الثاني من الأفعال ما ضارع الأسماء مضارعة ناقصة، وهو الفعل الماضي. والضرب الثالث ما لم يضارع الأسماء بوجه من الوجوه، وهو فعل الأمر.

فإذّا قد تَرتّبت الأفعال ثلاثَ مراتبَ: أوّلها: الفعل المضارع، وحقّه أن يكون معربًا، وآخِرُها فعل الأمر الذي ليس في أوّله حرف المضارعة الذي لم يضارع الاسم ألبتّة، فبقي على أصله، ومقتضى القياس فيه السكون. وتَوسّط حال الماضي، فنقص عن درجة الفعل المضارع، وزاد على فعل الأمر؛ لأن فيه بعض ما في المضارع، وذلك أنه يقع موقع الاسم، فيكون خبرًا، نحو قولك: "زيد قام"، فيقع موقعَ "قائمٌ"، ويكون صفة نحو: "مررت برجلٍ قام"، فيقع موقعَ "مررت برجل قائم". وقد وقع أيضًا موقعَ الفعل المضارع في الجزاء، نحو قولك: "إن قمتَ قمتُ"، والمراد "إن تقمْ أقمْ"، فلمّا كان فيه ما ذكرنا من المضارعة للأسماء والأفعال المضارعة، مُيّز بالحركة على فعل الأمر لفضله عليه، إذ كان المتحرّك أمكنَ من الساكن، ولم يُعْرَب كالمضارع لقصوره عن مرتبته، فصار له حكمٌ بين حكم المضارع وحكم الأمر.

فإن قيل: ولِمَ كانت الحركة فتحة؟ فالجواب أن الغرض بتحرُّكه أن يجعل له مزيّةٌ على فعل الأمر، وبالفتح تصل إلى هذا الغرض كما تصل بالضمّ، والكسر. والفتُح أخفّ، فوجب استعماله. ووجهٌ ثان وهو أن الجرّ لما مُنع من الفعل، وهو كسرٌ عارضٌ، فالكسر اللازم أوّلى أن يمنع، فلهذا لم يجز أن يبنى على الكسر، ولم يجز أن يبنى على الضمّ؛ لأن بعض العرب يجتزىء بالضمّة عن الواو، فيقول في "قامُوا": "قامُ"، كما قال [من الوافر]:

956 - فلَوْ أنّ الأطبَّا كانُ حَوْلِي ... وكانَ مَعَ الأطبّاءِ الأُساةُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015