فأمّا قوله تعالى، في قراءة ابن مسعود: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} (?)، فالأشبهُ بالقياس أن يكون "العالم" ها هنا مصدرًا كـ "الفالج"، و"الباطل". فكَأنّه قال: "وفوق كلّ ذي عِلْم عليمٌ"، فالقراءتان في المعنى سَواءٌ. ويجوز أن يكون على مذهب من يرى زيادةَ "ذِي"، فيكون حاصلُه: و"فوق كل عالمٍ عليمٌ". ويجوز أن يكون من إضَافة المسمّى إلى الاسم، أي: و"فوق كلّ شخص يسمّى عالماً، أو يُقال له: عالمٌ، عليمٌ"؛ وذلك على حد قول الشاعر [من الطويل]:

إليكم ذوِي آلِ النبي تَطلّعتْ ... نَوازعُ من قَلْبِي ظِماءٌ وَأَلْبُبُ (?)

على ما سنذكر في موضعه.

والموضع الثاني: ما اختلف آخِرُه في اللفظ بحرف، وهو"كِلا". اعلمْ أنّ "كِلا" اسمٌ مفردٌ، يفيد معنى التثنية؛ كما أنّ "كُلاًّ" اسم مفرد، يفيد معنى الجمع والكثرةِ. هذا مذهب البصريين (?).

وذهب الكوفيون إلى أنَّه اسمٌ مُثَنًّى لفظًا ومعنًى. والصوابُ مذهب البصريين؛ بدليل جوازِ وقوع الخبر عنه مفردًا، نحوَ قولك: "كِلَا أخوَيْك مُقْبِلٌ". قال الشاعر [من الوافر]:

97 - كِلا يَوْمَيْ أُمامَةَ يومُ صَدًّ ... وإنْ لم نَأْتِها إلَّا لِماما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015