ومن ذلك "فِعْلِلٌ". فالاسم: "زِبْرِجٌ"، و"زِئْبِرٌ"، والصفة: "عِنْفِصٌ"، و"خِرْمِلٌ". فالزبرج: الزينة، ويُقال هو الذهب؛ والزئبر: ما يعلو الفَرْخَ والثوبَ الجديد كالخَزّ. والعنفص: المرأة البَذِيئة القليلة الحَياء. والخرمل بالخاء المعجمة: المرأة الحَمْقاء.
ومن ذلك "فِعَلٌ" في الاسم والصفة، فالاسم: "فِطَحْلٌ"، و"قِمَطْرٌ"، والصفة: "هِزَبْرٌ"، و"سِبَطْرٌ". والفطحل: زمنٌ من قبل خَلْق الناس. والقمطرُ: وعاء يجعل فيه الكتب. والهزبرُ: الجريء، وهو من صفات الأسد. والسبطر: الممتدّ، يُقال: "سَبِطٌ"، و"سِبَطْرٌ".
وأضاف أبو الحسن بناءً سادسًا، وهو "فُعْلَلٌ" وحكى: "جُخْدَبٌ" بفتح الدال، وسيبويه (?) لم يُثْبِت هذا الوزن، ويرويه: "جُخْدُبًا" بالضمّ كـ"بُرْثُنَ"، وحمل روايةَ الأخفش على أنهم أرادوا "جُخادِب"، ثمّ حذفوا، وذلك لأنهم يقولون: "جخدبًا"، و"جُخادِبًا"، كما قالوا: "عُلَبِطٌ"، و"عُلابِط"، و"هُدَبِدٌ"، و"هُدابِد". قال سيبويه: والدليل على ذلك أنه ليس شيءٌ من هذا المثال إلَّا ومثالُ "فُعالِل" جائزٌ فيه، فكما قالوا في "عُلَبِط"، و"هُدَبد": أنّه مخفّف من "علابط"، و"هدابد"، فكذلك "جُخْدَبٌ" مخفّف من "جُخادِب"،إلَّا أن جخدبًا مخفّف من جهتَيْن: بحذف الألف، وسكون الخاء، وجميعُ ما تقدّم مخفف بحذف الألف لا غير. وأرى القول ما قاله أبو الحسن, لأن الفرّاء قد حكى: "بُرْقُعٌ"، و"بُرْقَعٌ"، و"طُحْلُبٌ"، و"طُحْلَبٌ"، و"قُعْدُدٌ"، و"قُعْدَدٌ"، و"دُخْلُلٌ"، و"دُخْلَلٌ"، وهذا وإن كان المشهور فيه الضمّ، إلَّا أن الفتح قد جاء عن الثقة، ولا سبيل إلى رَدّه. ويؤيّد ذلك أنهم قد قالوا: "سُودَدٌ"، و"عُوطَطٌ"، فـ"سودد" من لفظ "سيّد"، و"عوطط" من لفظ "عائط"، فإظهارُ التضعيف فيهما دليل على إرادة الإلحاق، كما قالوا: "مَهْدَدٌ"، و"قَرْدَدٌ" حين أرادوا الإلحاق بـ"جعفر"، وعلى هذا يكون الألف في "بُهْماةٍ"، و"دُنْياةٍ" فيما حكاه ابن الأعرابيّ للإلحاق بـ"جُخْدَبٍ".
وقوله: "وتُحيط بأبنية المزيد فيه الأمثلةُ التي أذكرُها"، يريد أنه قد يزاد على الرباعيّ كما قد زِيدَ في الثلاثيّ، وسنذكرُ أبنيةَ المزيد فيه مفصلًا بعدُ.
وقوله: "والزيادة فيه ترتقي إلى الثلاث"، يريد أن تصرُّفهم بالزيادة في الرباعيّ ليس كتصرّفهم في الثلاثيّ، وإنّما قَلَّ تصرّفهم في الرباعيّ لقلته، وإذا لم تكثر الكلمة، لم يكثر التصرّف فيها.
قال صاحب الكتاب: فالزيادة الواحدة قبل الفاء لا تكون إلا في نحو "مدحرج".
* * *