وَيُحْكَى أن منهم من يحذف لاماتِها في كلّ حال، ويُعْرِبها بالحركات في حال إضافتها، فيقول: "هذا أبُكَ"، و"رأيت أبَكَ"، و"مررت بأبِكَ".
وأمَّا "فَمٌ"، فأصله: "فَوْهٌ"، بزنة "فَوْزٍ". يدلّك على ذلك قولك في تكسيره: "أفَوَاهٌ"، وفي تصغيره: "فُوَيْهٌ". فهذا وحدَه لامُه هاءٌ، والهاءُ مشبَّهة بحروف العِلّة لخفائها، وقُرْبها في المَخْرَج من الألف، فحُذفت كحذفِ حرف العلّة، فبقيت الواو، التي هي عينٌ، حرفَ الإعراب، وكان القياس قلبَها ألفًا لتحرّكها بحركات الإعراب وانفتاح ما قبلها، ثمّ يدخل التنوين على حدّ دخوله في نحو: "عَصًا"، و"رَحًى"، فتحذف الألف لالتقاء الساكنَيْن، فبقي الاسم المعرب على حرف واحد، وذلك معدومُ النظير. فلمّا كان القياس يُؤدِّي إلى ما ذُكر، أبدلوا من الواو ميمًا, لأن الميم حرفٌ جَلْدٌ، يتحمّل الحركاتِ من غير استثقال. وهما من الشفتَيْن فهما متقاربان، وقلت: "هذا فَمٌ"، و"رأيت فَمًا"، و"مررت بفَمٍ".
وأمّا "ذو مالٍ" فأصلُ "ذو" فيه "ذَوًا"، مثلُ "عَصًا"، و"قَفًا"، يدلّ على ذلك قوله تعالى: {ذَوَاتَا أَفْنَانٍ} (?). وأن تكون لامه ياءً أمثلُ من أن تكون واوًا، وذلك لأنّ القضاء عليها بالواو يُصيِّرها من باب "القُوَّة"، و"الهُوَّة"، ممّا عينه ولامه من واد واحد؛ والقضاءُ عليها بالياء يصيّرها من بابِ "شَوَيْتُ"، و"لَوَيْتُ"، وهو أكثر من الأوّل، والعملُ إنّما هو على الأكثر.
وأمّا "ذُو" فلا تُستعمل إلَّا مضافةً، ولا تضاف إلَّا إلى اسم جنس، من نحوِ: "مال" و"عَقْل"، ونحوهما. ولا تضاف إلى صفة، ولا مضمرٍ؛ فلا يُقال: "ذو صالحٍ"، ولا "ذو