بحذف إحدى الياءين كما يقولون: "هَيْنٌ"، و"لَيْنٌ" ومن قال: "سُوءَي" ففيه نَظَرٌ: إن جعلته صفة، كان شاذًّا، وصحّةُ مَحَله أن تجعله مصدرًا على ما تقدَّم. والمعنى أنهم يجزون كُلًّا بفعله، إن خيرًا فخيرٌ، وإن شرًا فشرٌّ، وهو خلاف قول العَنْبريّ [من البسيط]:

932 - يجزون من ظُلْمِ أهلِ الظُّلْم مَغْفِرَة ... ومن إساءة أهل السوْء إحسانَا

فأمّا قول ابن هانِيء [من البسيط]:

كان صُغْرَى وكُبْرَى من فَواقِعها ... حَصْباءُ دُرٍّ على أرضٍ من الذَّهَبِ

فقد عابه بعضهم؛ لكونه استعملها نكرة، وهذا الضرب من الصفات لا يُستعمل إلّا معرّفًا. والاعتذار عنه أنّه استعمله استعمالَ الأسماء؛ لكثرة ما يجيء منه بغير تقدّم موصوف، نحو: "صغيرة"، و"كبيرة"، فصار كـ "الصاحب"، و"الأجرع"، و"الأبطح"، فاستعمله لذلك نكرةً. ويجوز أن يكون لم يُرِد فيه التفضيل، بل معنى الفاعل، كأنّه قال: "كأنّ صغيرة وكبيرة من فواقعها" على حد قوله تعالى: {وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} (?) في أحد القولَيْن. يقال: "فاقِعَةٌ وفُقاعَةٌ"، وجمع "الفُقّاعة": "الفَقاقِيعُ" وهي النفّاخات التي تكون على وجه الماء. يصف خَمْرًا، وما عليه من الحَبَب، شبّه الحبب بالدرّ، وهو اللؤئؤ، والخمرَ تحته بأرض من ذهب، ولقد أحسن. وأما قول الأعشى [من السريع]:

ولستَ بالأكثرِ منهم حَصّى ... وإنّما العِزةُ للكاثرِ (?)

فقد تَعلّق بظاهره الجاحظُ، وزعم أنّ في ذلك نقضًا لِما أصّله النحويون من امتناع الجمع بين الألف واللام و"مِنْ" في هذا الضرب من الصفات. والوجه في ذلك أن يكون "منهم" في موضع الحال من تاء "لستَ"، كقولك: "لست منهم بالكثير مالًا"، و"ما أنت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015