قال الشارح: قد تقدّم القول: إنّ "أفعل منك" موضوع للتفضيل، وهو بمنزلة الفعل، إذ كان عبارة عنه ودالًّا على المصدر والزيادة، كدلالة الفعل على المصدر والزمان، فمنع التعريف كما لا يكون الفعل معرَّفًا، ومنع التثنية والجمع كما لا يكون الفعل مثنّى ولا مجموعًا، وكذلك لا يجوز تأنيثه، إنّما تقول: "هندٌ أفضل منك" من غير تأنيث، وذلك لأن التقدير: "هندٌ يزيد فضلُها على فضلك"، فكأن "أفعل" ينتظم معنى الفعل والمصدر، وكل واحد من الفعل والمصدر مذكّرٌ، لا طريقَ إلى تأنيثه.
فإن قيل: فأنت تقول: "قامت المرأة"، و"انطلقت الجارية"، فتُلْحِق الفعلَ علمَ التأنيث، فما بالُك لا تفعل ذلك فيما كان في معناه؟ فالجواب أن الفعل نفسه لا يؤنّث، فإذا قلت: "قامت هندٌ"، فالعلامةُ إنّما لحقته لتأنيث الفاعل، بدليلِ أنّها لا تلحقه إلَّا إذا كان الفاعل مؤنّثًا للإيذان بأنّ الفعل مسندٌ إلى مؤنّث، ولو كان ذلك التأنيث للفعل نفسه، لجاز تأنيثُه مع الفاعل المذكّر، نحو: "قامت زيدٌ"، وذلك لا يقوله أحدٌ، وهذا أحدُ ما يدلّ على اتّحاد الفاعل والفعل، وأنّهما كالشيء الواحد.
فأمّا إذا أدخلت الألف واللام، نحو: "زيدٌ الأفضل"، خرج عن أن يكون بمعنى الفعل، وصار بمعنى الفاعل، واستغنى عن "مِنْ" والإضافةِ، وعُلم أنّه قد بأنّ بالفضل، فحينئذ يؤئث إذا أريد المؤنّث، ويثنّى، ويجمع، فتقول: "زيد الأفضل"، و"الزيدان الأفضلان"، و"الزيدون الأفضلون، والأفاضلُ"، و"هندٌ الفُضْلَى"، و"الهندان الفُضْلَيان"، و"الهندات الفُضْلَيات"، و"الفُضَلُ" إن شئت تثني، وتجمع، وتؤنّث، كما تفعل بالفاعل، لأنه في معناه.
فأمّا إذا أضيف، ساغ فيه الأمران: الإفراد في كلّ حال، تقول: "زيدٌ أفضلكم"، و"الزيدان أفضلُكم"، و"الزيدون أفضلُكم"، وتقول في المؤنّث: "هند أفضلكم"،