قال الشارح: اعلم أن هذه المسألة يجوز فيها عدّةُ أوجه: فأولّها "هذا رجلٌ حسنٌ وجهُه، وكثيرٌ مالُه"، فهذا هو الأصل, لأن الحُسْن إنّما هو للوجه، والكثرة إنّما هي للمال، ولذلك ارتفعا بفعلهما, وليس فيه نقل، ولا تغييرٌ. والهاء في "وجهه"، و"ماله" هو العائد إلى الموصوف الذي هو رجلٌ.

الثاني: "مررت برجل حسن الوجهِ" بالإضافة وإدخال الألف واللام في المضاف إليه، وهو المختار بعد الأول. وإنّما كان المختار من قِبَل أنّك لمّا نقلت الفعل عن "الوجه"، وأسندته إلى ضمير الموصوف الذي كان متصلًا بالوجه للمبالغة، ووجهُ المبالغة أنك جعلتَه حسن العامّة بعد أن كان الحسن مقصورًا على الوجه؛ كان المختار الإضافة وإدخال الألف واللام في المضاف إليه.

أمّا اختيار الإضافة؛ فلأنّ هذه الصفات المشبّهة بأسماء الفاعلين غيرُ مُعْتَدّ بفعلها، لأنّ أفعالها غير مؤثِّرة كـ "ضارِب" و"قاتِلٍ"، وإنّما حدث لها هذا المعنى والشَّبَهُ بأسماء الفاعلين بعد أن صارت أسماءً، وَكانت غير مستغنِية عن الاسم الذي بعدها، فأضيفت إلى ما بعدها كسائر الأسماء إذا اتّصلت بأسماء، نحو: "غلامُ زيدٍ"، و"دارُ عمرٍو"، فلذلك اختير فيها الإضافة؛ وأمّا اختيار الألف واللام في "الوجه"؛ فلأنّه إنّما كان معرفة بإضافته إلى الهاء التي هي ضمير الأوّل، فلمّا نزعوا ذلك الضمير، وجعلوه فاعلًا مستكنًّا، عوّضوا عنه الألف واللام، لئلّا يخرج عن منهاج الأصل في التعريف.

وأما الثالث: وهو "هذا رجلٌ حسن وجهًا"، فيحتمل نصبُ "وجه" أمرَيْن:

أحدهما: أنه منصوب بِـ "حسن" على حدّ المفعول، كما يعمل "ضاربٌ" في "زيد"

طور بواسطة نورين ميديا © 2015