ومن ذلك قولهم. "هن حَواجُّ بيتَ الله" جمع "حاجّة"، وفيه نيّة التنوين، وإنّما سقط لأنه لا ينصرف، فكأن ما فيه من أسبابِ منعِ الصرف بمنزلة التنوين، فلذلك نصب ما بعدها، كأنك قلت: "حَواجٌّ بيتَ الله"، ويجوز "حواجُّ بيتِ الله" بالخفض، ويُنْوَى سقوط التنوين للإضافة، لا لمنع الصرف.

وقالوا: "قُطّانٌ مكّةَ" حملوا "فُعّالًا" على "فَواعِلَ"؛ لأنّهما جميعًا جمعُ "فاعل" وإن كان الأوّل أكثرَ. وقد أعملوا جمعَ ما أُريد به المبالغة والتكثير كما أعملوا واحده، وكما أجروا "فَواعِلَ" مجرى "فاعل"، فقالوا: "هم غُفُرٌ ذَنبَ الجُناة، ومَهاوِينُ الأعداءَ"، أي: يغفرون ذنبَ الجناة، ويُهينون أعداءَهم. فأمّا قوله [من الرمل]:

ثمّ زادوا أنّهم ... إلخ

ويروى: "فُجُر" بالجيم، البيتُ لطَرَفَةَ، والشاهد فيه أنهم أجروا جمع "فَعُولٍ" وما كان للمبالغة في باب المتعدّي مجرى جمع "فاعل" في التعدّي، فـ "غُفُرٌ" جمع "غَفُورٍ"، وقد عدّوه إلى "ذنبهم" كما عدّوا "غفورًا" نفسَه، مدح قومَه بأن لهم فضلاً في الناس وزيادةً عليهم، وأنهم يغفرون ذنب المُذنِب إليهم، ولا يفخَرون بذلك سَترًا لمعروفهم، ومن روى "غيرُ فُجُر" بالجيم، فالمراد أتهم يَعِفّون عن الفواحش، والروايةُ الأُولى أصح. وأمّا قوله [من البسيط]:

شمّ مهاوين أبدانَ الجزور ... إلخ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015