وقوله [من الطويل]:
[لقد علمت أُولي المغيرة أنني] ... كررت فلم أنكل عن الضرب مسمعا (?)
* * *
قال الشارح: والمصدر يعمل عملَ الفعل المأخوذِ منه: إن كان الفعل غير متعدّ، كان المصدر غير متعدّ، فكما تقول: "قام زيدٌ"، ولا تجاوِز الفاعلَ، كذلك تقول: "أعجبني قيامُ زيدٍ". وإن كان يتعدّى إلى واحد، يتعدّى مصدره إلى واحد، فتقول: "أعجبني ضربُ زيدٍ عمرًا". وتقول: "أعجبني إعطاءُ زيدٍ عمرًا درهمًا"، فتُعدّيه إلى مفعولَيْن كما يفعل ذلك الفعلُ، نحوُ:"أعطيتُ زيدًا درهمًا". وإن كان يتعدّى فعلُه بحرِف جرّ؛ كان المصدر كذلك، فتقول: "أعجبني مرورُك بزيدٍ".
وإنّما يعمل من المصادر ما كان مقدرًا بـ"أنْ" والفعلِ، نحوُ قولك: "أعجبني ضربُ زيد عمرًا"، وتقديره: أن ضَرَبَ زيدٌ عمرًا. فأمّا إذا كان مؤكدًا لفعله، أو عاملًا فيه الفعلُ الذي أُخذ منه على وجه من الوجوه، لم يعمل؛ لأنه لا يقدَّر بـ"أن" والفعلِ، وذلك نحو قولك: "ضربتُ زيدًا ضَرْبًا والضربَ الشديدَ"؛ لأنه لا يحسن أن تقول فيه: "ضربتُ زيدًا أن ضربتُ زيدًا". فأمّا قولهم في الأمر: "ضَرْبًا زيدًا"، فكثيرٌ من النحويين يقولون: العاملُ في "زيد": "ضربًا".
والذي عليه المحققون أن العامل فيه الفعل الذي نصب المصدرَ، وتقديره: اضْرِبْ