قال الشارح: أما ما كان من الأفعال على "أفعَلَ" معتلَّ العين، نحوُ: "أجاز يُجِيزُ"، و"أطاق يطِيقُ" ونظائرهما من نحوِ "أقام"، و"أقال"، فإنّ المصدر منها على "إجازَةٍ"، و"إطاقة"، و"إقامة"، و"إقالة"، والأصل: "إجْواز"، و"إطواقٌ"؛ لأنه من "أجاز يجيز"، و"أطاق يطيق"، فهو كقولك: "أكرَمَ يُكرِمُ إكرامًا"، إلَّا أنّه لمّا اعتلّت العين من "أجاز يجيز"، و"أطاق يطيق" بقلبها ألفًا؛ أعلوا المصدر حملًا على الفعل بنقل حركتها إلى ما قبلها، ثم قلبت العين ألفًا؛ لتحرُّكها في الأصل وانفتاحِ ما قبلها الآنَ، وكانت الألف بعدها ساكنةً، فحذفت الألف لالتقاء الساكنَين، وعُوّض من المحذوف التاء. فالخليل وسيبويه يذهبان إلى أن المحذوف ألفُ "إفعال" لأنّها زائدةٌ، فهي أولى بالحذف، وأبو الحسن الأخفش والفرّاء يذهبان إلى أن المحذوف الألف المبدلة من العين، وهو القياس، ولذلك اختاره صاحب الكتاب، فقال: "معوِّضين من العين واللام"، يريد العين من "إطاقة"، واللام من "تَعْزِيَةٍ" وسيأتي الكلام على ذلك في موضعه، ومن ذلك "استَعنته استِعانةً"، و"استخار استخارةً"، والأصل: "استِعوانًا"، و"استِخيارًا".

فأمّا قولهم: "أرَيْتُه إراءَةً" فإنّه، وإن لم يكن معتل العين لأن الأصل "أرْأيتُه"، عينُه همزة لأنه "أفْعَلَ" من "رَأيتُ"، فالهمزة حرف صحيح، لكنه دخله نقصٌ بتخفيف الهمزة، ولزومِ ذلك حتى صار الأصل مرفوضًا، وذلك أنّهم ألقوا حركة الهمزة على الراء، وأُسْقطت الهمزة، فأتوا بالهاء عوضًا من ذلك النقص. والذي يدلّ على أن الهاء عوضٌ من المحذوف أنك تقول: "اخترتُ اختِيارًا"، و"انقاد إنقِيادًا"، فلا تلحِق الهاء, لأنّه لم يسقط من المصدر شيءٌ؛ لأنه لم يلتق فيه ساكنان. وأجاز سيبويه (?) أن لا يأتوا بالعوض، واحتجّ بقوله تعالى: {وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ} (?). والفراءُ يجيز حذفها فيما كان مضافًا، نحوِ الآية؛ فكأن الإضافة عوضٌ من التاء، وسيبويه لم يفصل بين ما كان مضافًا وغير مضاف، فهو يجيز "أقامَ إقامًا"، والفرّاء لا يجيزه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015