العدد؛ قالوا: "إحدى عشرة"، فبنوه على "فِعْلَى". ومنه قولهم: "عَشْرٌ"، و"عَشَرَةٌ"، فلمّا صاغوا منه اسمًا للعدد بمنزلة "ثلاثين"، و"أربعين"؛ قالوا "عِشْرون" بكسر أوّله. ومنه اقتصارهم من "ثلاثمائة" إلى "تسعمائة" على أن أضافوه إلى الواحد، ولم يقولوا: "ثلاثمِئات"، ولا "أربعمِئِينَ" إلَّا شاذًّا.
فإن قيل: فمن أين جاءت الكسرة في الشين حين قلت: "ثلاثَ عَشِرَةَ"؟ فالجواب إن "عشر" من قولك: "عَشْرُ نسوةٍ" مؤنّثةُ الصيغة، فلم يصحّ دخول الهاء عليها، فاختاروا لفظةً أخرى يصحّ دخول الهاء عليها، فقالوا: "عَشِرَة" بكسر الشين، فخفّف أهل الحجاز ذلك على ما قلناه، وقرأ الأَعْمَش {فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا} (?)، ففتح الشينَ على الأصل، والقياسُ عليه الجماعة، وهو المسموع.
فأمّا "ثماني عشرةَ" ففيها لغتان: فتح الياء، وهو الأكثر، وتسكينها. فمن فتحها، فإنّه أجراها مجرى أخواتها من نحو "ثلاثة عشرَ"، و"أربعةَ عشرَ": لأنّ العلّة واحدة، ومن أسكن، فإنّه شبّهها بالياء في "مَعْدِي كَرِبَ"، و"قَالِي قَلَا".
قال صاحب الكتاب: ما لحق بآخره الواو والنون, نحو العشرين والثلاثين يستوي فيه المذكر والمؤنث وذلك على سبيل التغليب كقوله [من الطويل]:
854 - دعتني أخاها بعد ما كان بيننا ... من الأمر ما لا يفعل الأخوان
* * *