فرارًا من اللبس، فيقول: "ثَوْبٌ إحْدَويّ عَشْريّ"، و"إحْدَويّ". ومن قال: "إحْدَى عَشِرَةَ" بكسر الشين، قال: "إحدويّ عَشَريّ"، بفتح الشين في النسب، كما تقول في النسب، إلي "النَّمِر": "نَمَرِيٌّ".
ومن ذلك: الجُمَل المحكيّة المسمّى بها من نحو "تَأبَّطَ شَرًّا"، و"بَرَقَ نَحْرُهُ"، فإنّك إذا نسبت إلى شيء من ذلك، نسبتَ إلى الأوّل، وحذفت الثاني، فتقول: "تَأبَّطيّ"، و"بَرَقيّ"، و"ذَرَّويّ" في "ذَرَّى حَبًّا". حذفت من "تأبّط شرًّا" المفعول، ونزعت الفاعلَ من الفعل، ليخرج من أن يكون جملةً، وما علمنا أحدًا نسب إلى شيء من ذلك إلَّا إلى "تأبّط شرًّا"، والباقي قياسٌ.
وإنّما وجب النسب إلى الأوّل؛ لأنّ الحكاية في معنى المركّب والمضاف من حيث كان أكثرَ من اسم واحد، بل هو في الحكاية أبلغُ, لأنه قد يكون أكثرَ من اسمَيْن، فكما تقول: "حَضْريّ" في "حضرموت"، و"عَبْديّ" في "عَبْدِ القَيْس"، كذلك تقول: "تأبّطيٌّ" في "تأبّط شرًّا" وبابه، وقد قالوا: "كَوْنيّ" في النسب إلى "كُنْتُ" إذا كان يُكَثِرُ من قولِ "كُنْتُ". وذلك أنّهم حذفوا التاءَ الفاعلةَ، ثمّ نسبوا إلى "كُنْ"، وأعادوا الواو التىِ هي عين الفعل؛ لتحرُّك النون بالكسر لاجتماعها مع ياء النسب. ومنهم من قال: "كُنْتِيّ"، فنسب إلى "كُنْتُ"، لمّا اختلط ضميرُ الفاعل بالفعل ولا يُوجَد فصلُه من الفعل؛ صارا كالكلمة الواحدة، فجازت النسبةُ إليهما لذلك. وهذا أحدُ ما يدلّ على شدّةِ امتزاج الفاعل واختلاطه به. قال الشاعر [من الطويل]:
فأصَبَحْتُ كُنْتِيًّا وأصبحتُ عاجِنًا ... وشَرُّ خِصالِ المَرْءِ كُنْتُ وعاجِنُ (?)
ومنهم من قال: "كُنْتَنيّ"، فزاد نونَ الوقاية مع ضمير الفاعل، كأنّه حافظ على لفظ "كُنْتُ" فأدخل نون الوقاية، ليسلَم لفظُ "كُنْتُ" من الكسر، قال الشاعر- أنشده ثَعْلَبٌ [من الطويل]:
840 - ومَا أنتَ كُنْتِيٌّ وما أنَا عاجِنٌ ... وشَرُّ الرِّجال الكُنْتُنيُّ وعاجِنُ