829 - أَمَا أُقاتِلُ عن دِينِي على فَرَسِي ... أو هَكَذا رَجُلًا إلا بأَصْحابِي
فكأنّهم صغروا لفظًا، ويريدون آخر، والمعنى فيهما واحد. وقالوا: "آتِيك مُغَيْرِبانًا، وعُشَيّانًا، وعُشَيْشِيَةً"، فأرادوا بـ "مُغَيْرِبانٍ" تصغيرَ "المَغْرِب". وليس ذلك بقياس، والقياسُ: "مُغَيْرِب". وإنّما جاؤوا به كأنّهم أرادوا "مَغْرِبانٌ".
وأمّا "عُشَيانٌ"، و"عُشَيْشِيَةٌ"، فهو تصغير "عَشِيَّةٍ" على غير قياس، فـ "عُشَيانٌ" كأنّه تصغيرُ "عَشْيانٍ" مثلِ "سَعْدانٍ"، فزيدت ياء التصغير ثالثةً، وبعدها الياء التي هي لامٌ، فادّغمت فيها، فصارت ياءً مشدّدةً.
وأمّا "عُشَيْشِيَةٌ"، فكأنه تصغير "عشّاةٍ"، فلمّا صُغّر، وقعت ياءٌ التصغير بين "الشينَيْن"، ثمً قُلبت الألف ياءً؛ لانكسار ما قبلها، فصار "عُشَيْشِيَةً".
وقالوا: "أُغَيْلِمَةٌ"، و"أُصَيْبِيَةٌ" في تصغير "غِلْمَةٍ"، و"صِبْيَةٍ"، كأنّهم صغّروا "أَغْلِمَةً"، و"أَصْبِيَةً". وذلك أن "غُلامًا" "فُعالٌ" مثلُ "غُرابٍ"، و"صَبِيٌّ" "فَعِيلٌ" مثل "قَفِيزٍ". وبابُ "فُعالٍ" و"فَعِيلٍ" أن يُجمع في القلّة على "أفعِلَة" مثلِ "أَغْرِبَةٍ"، و"أَقْفِزَةٍ". فكأنّهم لمّا أرادوا التصغير، صغّروه على أصل الباب، إذ التصغيرُ ممّا يردّ الأشياء إلى أصولها. قال الشاعر [من الكامل]:
ارْحَمْ أُصَيْبِيَتِي الذين كأنّهم ... حِجْلَى تَدَرَّجُ في الشَّرَبَّةِ وُقَّعُ (?)
قال صاحب الكتاب: وقد يحقر الشيء لدنوه من الشيء, وليس مثله, كقولك: