فلمّا كانت تؤول إلى الياء، جعلوا الزائدَ ياءً من أوّلِ أمره، كما قال [من المتقارب]:
822 - رَأى الأمْرَ يُفْضِي إلى آخِر ... فَصَيرَ آخِرَهُ أوَّلا
* * *
قال صاحب الكتاب: وما بقي منه بعد الحذف ما يكون به على مثال المحقر, لم يرد إلى أصله, كقولهم في "ميت" و"هار" و"ناس": مُييتٌ", و"هويرٌ" و"نويس", ولو رد, لقيل: "مُييت", و"هُويئر" و"أُنيس".
* * *
قال الشارح: اعلم أن الاسم إذا حُذف منه شيءٌ، وبقي بعد الحذف ما يحصل به بناءُ التصغير، وهو ثلاثةُ أحرف، لم يُرَدّ المحذوف؛ لأنّ الحذف لم يكن عن علّةٍ تزول في التصغير، إنّما كان الحذف لضرب من التخفيف في المكبَّر، وهو أحوجُ إليه في المصغّر لزيادة حروفه. فلذلك تقول في "مَيْتٍ" مخفِّفٍ من "مَيَّتٍ": "مُيَيْتٌ" بياء واحدة بعدها ياءُ التصغير، ولم تردّ المحذوف؛ لأنّ الغرض من ردّ المحذوف من نحو: "أبٍ"، و"أخٍ" تحصيلُ بناء التصغير، وهو "فُعَيْلٌ" وذلك حاصلٌ من "مَيْتٍ"، فلم يُحتَج إلى ردّ المحذوف، ولو رُدّ لقيل: "مُيَيِّتٌ" بثلاث ياءات. وكذلك تقول في "هارٍ" من قوله تعالى: {عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ} (?): "هُوَيْرٌ"، فلا تردّ المحذوف، إذ لا حاجةَ إلى ذلك لحصول بناء التصغير؛ لأنّ الباقي بعد الحذف ثلاثةُ أحرف، وأصلُ "هارٍ": "هائرٌ"، فحُذفت العين تخفيفًا.