قال الشارح: وممّا جرى بالغلبة مجرى الأعلام، ولزمته اللامُ، قولهم: "الدَّبَرانُ"، و"العَيُّوقُ" و "السَّماكُ" للنجوم المعروفة، فإنها أوصافٌ في الحقيقة مشتقّةٌ بمعنى الفاعل، ولزمتها اللام, لأنهم أرادوا فيها معنى الصفة؛ فـ "الدبران" مأخوذ من "دَبَرَ" إذا تَأَخَّرَ، بمعنى "الدابر" وهم يزعمون أنّ "الدبران" يتبع "الثريّا" خاطبًا لها. ونظيره من الصفات "الصَّلَتانُ"، وهو النشيط، مأخوذ من السيف الصَّلْت. و"العَيّوق" مأخوذ من "عَاقَ يَعُوق"، بمعنى "العائق". قالوا: عاقَ "الدبرانَ" عن الوصول إلى "الثريا"؛ زعموا أنّ الدبران جاء خاطبًا، وساق مَهْرَها كواكبَ صغارًا معه، تسمّى القِلاصَ. قال الشاعر [من البسيط]:

75 - أمّا ابنُ طَوْقٍ فقدْ أَوْفَى بذِمَّتِهِ ... كما وَفَى بِقلاصِ النَّجْمِ حادِيها

والعيّوق بينهما في العُرْض إلى ناحية السماك، فكأنّه يعوقه عنها. ونظيرُ "العَيُّوق" من الصفات "القَيُّومُ".

و"السِّماك" من "سَمَكَ" إذا ارتفع، والسماءُ سامكةٌ، أي: مرتفعهٌ، ومنه النُّجومُ السوامكُ. ومعنى "السِّماك": السامكُ. فهذه الأسماءُ، وإن كانت بمعنى "فاعلٍ"- فالدبرانُ بمعنى الدابر، والعيوقُ بمعنى العائق، والسماكُ بمعنى السامك- فلا يجوز إطلاقه على كلَّ ما يُطْلَق عليه "فاعلٌ"، فلا يقال: "الدبران"، لكلّ ما يقال فيه: "الدابر". وكذلك العيّوق والسماك، وذلك لأن الاسمَيْن قد يكونان مشتقَّين من شيء، والمعنى فيهما واحدٌ، وبناؤهما مختلفٌ، فيختصّ أحدُ البناءين شيئًا دون شيء للفرق؛ ألا ترى أنهم قالوا: "عِدْلٌ" لِما يعادِل من المتاع، و"عَدِيلٌ" لِما يعادل من الأناسيّ، والأصل واحدٌ، وهو (ع د ل)، والمعنى واحدٌ، ولكنّهم خصّوا كلَّ بناءٍ بمعنى لا يشاركه فيه الآخرُ للفرق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015