قال الشارح: المراد بالمشترَك أن يكون البناء ممّا يشترِك فيه المذكّرُ والمؤنّثُ، وذلك بأن يكون الاسمُ الذي في آخِره ألفٌ زائدةٌ على وزن الأُصُول، نحوِ: "فَعْلَى"، فإنّه يكون على مثال "جَعْفَرٍ"، فيجوز أن يكون ألفُه للإلحاق، ويجوز أن يكون للتأنيث، فيحتاج حينئذ إلى نَظَرٍ واستدلالٍ. فإن كان ممّا يسوغ إدخالُ تاء التأنيث عليه، لم تكن الألفُ في آخِره للتأنيث، وكذلك إن سُمع فيها التنوين، فليست للتأنيث؛ لأنّ ألف التأنيث لا يدخلها تنوينٌ؛ لأنّها تمنع الصرفَ. ولا يدخل عليها علمُ التأنيث، إذ علمُ التأنيث لا يدخل على مثله، وإن امتنعت من ذَيْنك؛ فهي للتأنيث.

وإذا كانت للتأنيث، فلها أربعةُ مواضعَ:

أحدهما: أن يكون اسمَ عين، وهو ما كان شخصًا مَرْئيًّا، نحوَ: "سَلْمَى" وهو اسم رجل، و "سَلْمَى" أحدُ جَبَلَيْ طَيِّىء، وكأنّ العَلَم منقولٌ منه. ومن ذلك "رَضْوَى" وهو اسم جبل بالمدينة، وَ"عَوَّى" من منازل القمر، وهي خمسةُ أنْجُم يُقال لها: "وَرِكُ الأسَد".

الثاني: أن يكون اسمَ معنى، وهو ما كان مصدرًا كـ "الدَّعْوَى" بمعنى الادّعاء، و"الرّعْوَى" أيضًا مصدرٌ بمعنى الارْعِواء، يُقال: "ارْعَوَى عن القبيح" إذا رجع عنه، وهو حَسَنُ الرَّعْوِ والرَّعْو والرَّعْوَى. ومن ذلك "النَّجْوَى" بمعنى المُناجاة، وهي المُسارَّة، ومنه قوله تعالى: {وَإِذْ هُمْ نَجْوَى} (?)، ولذلك وُحّد، و"هم" جماعة، لكونه مصدرًا، جُعلوا نفسَ النجوى مبالغةً، كما يُقال: "رجلٌ عدلٌ"، و"قومٌ رِضى". وكذلك "اللَّوْمَى" بمعنى اللَّوْم. أنشد أبو زيد [من الوافر]:

816 - أمَا تَنفَكُّ تَرْكَبُنِي بِلَوْمَى ... بَهِجْتَ بها كما بَهِجَ الفَصِيلُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015