فإنّه كان ينبغي أن يقول: "دَنَتْ" على تقدير علامة الجماعة، أو: "دَنَوْنَ"؛ لأنّه جمعٌ لِما لا يعقل، إلّا أنّه أجراها مجرَى من يعقل إذ كان دَوْرُها يجري على تقديرٍ لا يختلف، وصار كقصد العاقل لشيءٍ يعلمُه، فلذلك جمعها بالواو والنون، فقال: "بنو نعش"، ولم يقل: "بنات نعش"؛ فإذًا عاد الضميرُ بالواو على حدّ جَمْعه إيّاه. ومثله قوله تعالى: {قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ} (?)، لمّا أخبر عنهنّ بالخطاب الذي يختصّ بمن يعقل؛ جمعها بالواو المختصّة بمن يعقل.
وإن كان المكسّر لغير أولى العقل؛ نحو: "الأيّام"، و"الحُمُر"، فلك فيه وجهان: أحدهما: أن تُلْحِق الفعلَ التاء، فتقول: "الأيّامُ فعلتْ"، على تقدير جماعة الأيّام، وإن شئت، قلت: "فَعَلْنَ"؛ لأنّ الأيّام ممّا لا يعقل. فجمعُه وضميرُ جمعه كالمؤنّث، وإن كان مذكّرًا، نحو: "ثِيابُك مُزِقنَ"، و"جِمالُك أَقْبَلْنَ". قال الشاعر [من الطويل]:
814 - وإن تكنِ الأيّامُ فَرَّقْنَ بَيْنَنَا ... فَقَدْ بَانَ مَحْمُودًا (?) أَخِي يَوْمَ وَدَّعَا