فـ "برّةُ": اسمٌ للخُطّة التي هي المَبَرّة، و"فَجارِ": عَلَمٌ على الفَجْرَة؛ والأصل أن يكون "فجار" معدولاً عن "فَجْرَة"، أو"فاجرةَ" علمًا، كما أنّ "حذام" و"قَطامِ" معدولان عن "حاذمةَ" و"قاطمةَ" عَلَمَيْن، ويؤيّد ذلك أنه قرنها بقوله: "بَرَّة"؟ فكمَا أنّ "برّة" عَلَمٌ بلا رَيْب، فكذلك ما عُدل عنه "فجارِ"، ولو عُدل عن "برّة" هذه، لكان القياس "بَرارِ" كـ "فَجارِ".

ومن ذلك: "زَوْبَرُ"، يقال: "أخذ الشيءَ بزَوْبَرِهِ"، أي: كلَّه. قال الطرمّاح [من الطويل]:

وإن قال غاوٍ من تَنُوخَ قَصِيدَةَ ... بها جَرَبٌ عُدَّتْ عَليَّ بِزَوْبَرَا (?)

والمعنى: وإن قال غاو من تنوخ، أي: غيرُ رشيد، قصيدةً بها جربٌ، أي: عَيْبٌ من هجاءٍ، ونحوهِ: عُدّت عليَّ بِزَوْبَرَ، أي: نُسبت إلىَّ بكمالها. وجعل "زوبر" عَلَمًا على هذا المعنى، فلذلك لم يصرفه.

ومن الأسماء المعلَّقة على المعاني: "غُدْوَةُ"، و"بُكْرَةُ"، و"سَحَرُ"، إذا أردت ذلك من يوم بعينه، فهي معارفُ، فـ "غدوةُ" و"بكرةُ" لا ينصرفان للتعريف والتأنيث، كأنّهما جُعلا عَلَمًا على هذا المعنى. وهو من قبيل التعريف اللفظيّ، ألا تركما أنّه لا فرق بين "غدوة" و"غَداةٍ" في المعنى، و"غداةٌ" نكرةٌ. وأمّا "سَحَرُ" فمعرفةٌ إذا أردت سحرَ يوم بعينه، لا ينصرف للتعريف والعدلِ عن الألف واللام؛ فإن أردت التنكير، صرفته، قال الله تعالى: {إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ} (?).

ومثله "فَيْنَةُ"، وهو اسمٌ منُ أسماء الزمان، بمعنى الحين، وهو معرفةٌ عَلَمٌ، فلذلك لا ينصرف؛ تقول: "لقيتُه فَيْنَةَ بعدَ فينةَ"، أي: الحينَ بعد الحين، تريد النَّدَرَى. وحكى أبو زيد: "الفينةَ بعد الفينة" بالألف واللام. وهذا يكون ممّا اعتقب عليه تعريفان، أحدهما بالألف واللام، والآخر بالوضع والعلميّة. وليس كـ "الحَسَنُ والعَبّاس", لأنّه ليس بصفة في الأصل. ومثلُه قولهم للشمس: "إِلاهَةُ" و"الإِلاهة" في اعتقاب تعريفَيْن عليه.

ومن الأسماء المعلّقة على المعاني: أسماءُ العدد، وهي معرفةٌ, لأنها عددٌ معروفُ القَدْرِ، ألا تري أنّ "ستّة" أكثرُ من "خمسة" بواحد، وكذلك "ثمانيةُ" ضعفُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015