يقوم مقامَ شيئَيْن، فإذا ضُمّ إلى ذلك مثلُه، فقد صار في الحكم أربعةً، والأربعةُ جمعٌ. وهذا من أصول الكوفيين الحسنة، ويؤيّد ذلك أنّ ما في الجسد منه شيء واحد؛ ففيه الدِّيَةُ كاملةٌ كاللسان والرأس، وأمّا ما فيه شيئان، فإنّ فيه نصفَ الدية.
والوجه الثاني التثنية على الأصل وظاهرِ اللفظ، نحو قولك: "ما أحسنَ رَأْسَيْهما وأسلمَ قلبيهما! " قال الشاعر [من الطويل]:
692 - بِمَا في فُؤادَيْنا من الهَمِّ والهَوَى ... فيَبْرَأُ مُنْهاضُ الفُؤادِ المُشَعَّفُ (?)
فأمّا قول خِطام المُجاشِعيّ [من الرجز]:
ومهْمَهَيْنِ قَذَفَيْنِ مَرْتَيْنْ ... ظَهْراهما مِثْلُ ظُهورِ التُّرْسَيْنْ
جِبْتُهما (?) بالنَّعْت لا بالنَّعْتَيْنِ
فإنَّ الشاهد فيه تثنيةُ "الظَّهْر" على الأصل. والكثيرُ الجمع لما ذكرناه مع كَراهيةِ اجتماع التثنيتَيْن في اسم واحد؛ لأنّ المضاف إليه من تمام المضاف. يصف مفازة قَطَعَها، والمَهْمَهُ: القَفْرُ، والقَذَفُ بالفتح: البعيدُ، والمَرْتُ: الأرض التي لا تنبُت، كأنّهما فَلاتان لا نَبْتَ فيهما، ولا شخصَ يُستدلّ، فشبّههما بالتُّرْسَيْن. وجَمَعَ بين اللغتَيْن بقوله: "ظهراهما مثل ظهور الترسَيْن". وقوله: "جُبْتُهما (2) بالنعت"، أي: خرقتُهما بالسير، أىِ: بأنْ نُعِتَا لي مرّةً واحدةً.