يُرَدّ إليه الحرف الساقط في التثنية، وضربٌ لا يردّ إليه. فمتى كانت اللام الساقطة ترجع في الإضافة، فإنّها تردّ إليه في التثنية. لا يكون إلا كذلك، وإذا لم يرجع الحرفُ الساقطُ في الإضافة، لم يرجع في التثنية، فمثالُ الأوّل: "أخٌ" و"أبٌ"، تقوله في تثنيتها: "هذان أخَوان وأبَوان"، و"رأيت أخوَيْن وأبوَيْن"، و"مررت بأخوَين وأبوَيْن"؛ لأنّك تقول في الإضافة: "هذا أبوك وأخوك"، و"رأيت أباك وأخاك"، و"مررت بأبيك وأخيك"، فترى اللامَ قد رجعت في الإضافة، فكذلك رددتَها في التثنية. وذلك لأنّا رأينا التثنية قد ترُدّ الذاهبَ الذي لا يعود في الإضافة، كقولك في "يَدٍ": "يَدَيانِ"، وفي "دَمٍ": "دَمَيانِ"، وأنت تقول في الإضافة: "يَدُك" و"دمُك"، لا تردّ الذاهب. فلمّا قويت التثنيةُ على ردّ ما لم تردّه الإضافةُ، صارت أقوى من الإضافة في باب الردّ، فإذا ردّت الإضافةُ الحرفَ الذاهب، كانت التثنية أوْلى بذلك وأجدر.
ومثالُ الثاني "يَدٌ" و"دمٌ"، فإنّك تقول في التثنية: "يَدانِ" و"دَمانِ"، فلا تردّ الذاهب؛ لأنّك لا تردّه في الإضافة، فأمّا قول الشاعر [من الكامل]:
يَدَيانِ بَيْضاوانِ عند محَلِّمٍ ... قد تَمنَعانِكَ أن تضامَ وتُضْهَدَا
ويُروى: محَرِّقٍ. والشاهد فيه قوله: "يَدَيان" بردّ الساقط. ومثلُه قول الآخر [من الوافر]:
فلو أنّا على حجر ... إلخ
وحمله أصحابُنا على القلّة والشذوذ، وجعلوه من قبيل الضرورة. والذي أراه أنّ بعض العرب يقول في "اليَدِ": "يَدّى" في الأحوال كلّها، يجعله مقصورًا كـ "رَحى" و"فَتًى". منْ ذلك قولُ الراجز:
686 - يا رُبَّ سارٍ باتَ ما تَوَسَّدَا ... إِلّا ذِراعَ العَنْسِ أو كَفَّ اليَدَا