أظهروا الحرف المنقلب، وذلك نحوُ: "دِرْحايَةٍ" (?)، و"دِعْكايَةٍ" (?). وإنّما قال: إنّها في حكم الأصل؛ لأنّها للإلحاق، فالهمزةُ بإزاءِ الحاء في "سِرْداح" (?)، والقاف في "حِمْلاق" (?).
وأمّا كونها زائدة للتأنيث، فنحوُ: "حَمْراءَ" و"صَحْراءَ"، فالهمزة فيهما زائدةٌ للتأنيث. والحقٌ فيها أنّها بدلٌ من ألف التأنيث في "حُبْلَى" و"سَكْرَى". وإنما قُلبت همزةً لاجتماعها مع ألف المدّ قبلها، وسيوضَح أمرُها في موضعه من هذا الكتاب.
فإذا ثنّيت الممدودَ، فإن كانت همزتُه للتأنيث، نحوِ: "حمراء" و"صحراء"، قلبتَها واوًا أبذا، نحوَ قولك: "هاتانِ حَمْر اوانِ وصَحْراوانِ"، و"رأيت حمراوَيْنِ وصحراوَيْنِ"، و"مررت بحمراوَيْن وبصحراوَيْن". وإنما قلبوها هنا، ولم يُقِرّوها على لفظها، حملاً لها على الجمع المؤنّث السالم والنسبِ من نحوِ: "صَحْراوات"، و"خُنْفساوات"، و"صَحْراويّ"، و"حمْراويّ"، لاجتماعهنّ في سلامة الواحد وزيادة الزائدَيْن في الآخِر منهنّ للمعنى.
وإنّما قُلبت في النسب، لئلاّ يصير علمُ التأنيث حَشْوًا، مع أنّك لو نسبتَ إليه مؤنّثًا، لاجتمع في الكلمة علامتَا تأنيث، نحوَ: "حَمْرائيّة" و"صَحْرائيّة". وذلك لا يجوز. وأبدلوا منها في الجمع واوًا، لئلّا يجمعوا في اسم بين علامتَيْ تأنيث.
فإن قيل: ولِمَ كان البدلُ واوًا، ولم يكن ياء؟ فالجواب أنّ الذي دعاهم إلى القلب في "صحراوات" و"صحراوِيّ" الفِرارُ من علامتَيْ تأنيث، وكانت الياءُ ممّا يؤنَّث بها في مثلِ "اذْهَبِي"، و"انْطَلِقِي"، فعدلوا عنها إلى الواو؛ لأنّها لا تكون للتأنيث، وقيل: اختاروا الواو للفرق بينها وبين المقصورة.
فإن كانت همزته زائدة للإلحاق، نحوَ: "عِلْباء" و"حِرْباءٍ"، ففيه وجهان:
أجودُهما: إقرار الهمزة بحالها، نحوُ: "علباءانِ" و"حرباءانِ"؛ لأنّ الهمزة فيه ليست للتأنيث.
والثاني: أن تُبدِلها واوًا كما فعلت بهمزة التأنيث، فتقول: "عِلْباوان"، و"حِرْباوان"؛ لأنّها وإن لم تكن للتأنيث، لكنّها شابهتْ "حَمْراءَ" وبابَها بالزيادة، فحُملت عليها. وهذا شَبَهٌ لفظي؛ لأنّا لا نشُكّ أن "حمراء" وبابها لم تُقلَب لكونها زائدة.
وإن كان مثنًّى، نحوِ: "كِساء"، و"رِداء"، فالوجه والباب إقرارُ الهمزة، نحوُ