سبيلِ الاستغراق، تقول: "ما رأيته قَط"، و"لا أَفْعَلُه عَوْضَ" ولا يُستعملان إلَّا في موضع النفي. قال [من الطويل]:
649 - رَضِيعَي لِبان ثَدْيَ أُم تَقاسَمَا ... بأَسْحَمَ داج عَوْضَ لا نَتَفَرقُ
وقد حُكي "قُط" بضم القاف، و"قَطُ" خفيفةَ الطاء، و"عَوْضُ" مضمومة.
* * *
قال الشارح: اعلم أنّ قَط بمنى الزمان الماضي، يقال: "ما فعلتُه قَط"، ولا يقال: "لا أفعلُه قطّ". وهي مبنية على الضم؛ لأنها ظرفٌ. وأصلُ الظروف أن تكون مضافة، فلما قُطعت عن الإضافة، بُنيت على الضم كـ"قَبْلُ" و"بَعْدُ". قال الكسائي: كان "قَطُط" على زنةِ "فَعُل" كـ"عَضُد"، فلما سكن الحرفُ الأول للادّغام، حُرك الآخر بحركته. والذي أراه أنه "فَعْل" كـ"قَبْل" و"بَعْد"؛ لأنّ الحركة زيادة، ولا يُحكَم بها إلَّا بدليل، ولأن أكثرَ ظروف الزمان كذلك، نحو: "يَوْم"، و"شَهْر"، و"دَهْر". ومنهم منٍ يقول: "قُط"، بضم القاف والطاء، يُتْبع الضم الضم، مثلَ "مُدُّ" و"شُدُّ"، ومنهم من يُخفف، فيحذف إحدى الطاءين تخفيفًا، ويُبقِي الحركةَ بحالها دلالة وتنبيها على أصلها، كما قالوا: "رُبَ" حين خففوها، أبقوا الفتحةَ دلالة على المحذوف. ومنهم