/متن المنظومة/
دليلُه قضا معاذِ بنِ جَبَلْ ... ثُمَّ الذَّي للأشعريِّ قَدْ وَصَلْ
مِنْ عمرٍ. والحدُّ عندُ سُكْرِهِ ... وعدَةُ الحامِلِ بعدَ قبرِهِ
وعندما استقرت الفتوحُ ... وكثُرَتْ لديهمُ الطروحُ
وظهرتْ نوازعُ الأهواءِ ... تضافَرتْ بواعثُ الأَحياءِ
-6970- راحَ الناظمُ يوردُ الأدلةَ على أن الصحب الكرام اعتمدوا في تقرير الأحكام على المصادر الأربعة السالفة فقال:
(دليله قضا معاذ بن جبل) وقضاء معاذ بن جبل هو ما أخرجه أبو داوود في سننه قال: أرسل رسول الله (معاذ بن جبل إلى اليمن قاضياً وسأله: كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟ قال: أقضي بكتاب الله تعالى،. قال فإن لم تجد في كتاب الله؟ قال: فبسنة رسول الله (، قال: فإن لم تجد في سنة رسول الله (ولا في كتاب الله؟ قال: أجتهد رأيي ولا آلو، فضرب رسول الله (صدره بيده وقال: الحمد لله الذي وفق رسولَ رسولِ الله (إلى ما يرضي الله ورسوله.
وكذلك استدلَّ بكتاب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري لما كان عاملاً له على اليمن ونصه:
«الفهمَ الفهمَ فيما تلجلج في صدرك مما ليس في كتاب ولا سنة، فاعرف الأشياء والأمثال، وقس الأمور عند ذلك، واعمد إلى أقربها إلى الله وأشبهها بالحق»
واستدل كذلك بتداول الصحابة الكرام في مسألة عقوبة الشارب، فقد قضى علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم الله وجهه بثمانين جلدة على شارب الخمر قياساً على عقوبة القذف وقال: إن الشارب إذا سكر هذى، وإذا هذى افترى وعقوبة المفتري ثمانون جلدة.
(وعدة الحامل بعد قبره)
واستدل كذلك بتداولهم في أمر عدة الحامل المتوفى عنها زوجها، فهي بين آيتين اثنتين:
الأولى قوله عز وجل: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً} سورة البقرة -234-
والثانية قوله عز وجل: {وأولاتُ الأحمالِ أجلُهن أن يضعن حملهن} سورة الطارق 4
فاختلف الصحابة في ذلك ثم انتهوا إلى قول عبد الله بن مسعود الذي كان يقول من شاء باهلته أن آية النساء الصغرى - سورة الطلاق - نزلت بعد آية النساء الكبرى - سورة البقرة -.
وهكذا فإن الصحب الكرام رضوان الله عليهم اتفقوا على رأي ابن مسعود فكان إجماعاً بأن النصَّ المتأخر ينسخ أو يخصص النص المتقدم.
-7172 أخبر الناظم أن الفقه الإسلامي بعد عصر الصحابة الكرام تعرض لأهواء أصحاب المطامع والمصالح، فظهرت فرقٌ سياسية وباطنية مختلفة، وهكذا فقد تضافرت الأسباب الداعية إلى تحديد مناهج الاستنباط ووسائله سداً لأبواب الهوى والتشهي.