/متن المنظومة/
كالبيعٍ عند ساعة الصلاةٍ ... وكالسؤالٍ عن أمورٍ تأتي
ويستحقُّ التاركُ الثَّوابا ... وليسَ يلقى الفاعلُ العَذابَا
والحقُّ في المكروهِ أنَّهُ نُهي ... عن فعلِهِ فالتركُ مأمورٌ به
والحقُّ أن ليسَ بهِ تكليفُ ... والاسفراني قالَ: بلْ تَكليفُ
وفرَّقَ الأحنافُ في المكروه: ... ذي حرمةٍ منه وذي تنزيه
ما طلبَ الشارعُ جازماً لَهُ ... تركاً. وذا بالظنِّ.. تحريما فَهُو
مثاله لبسُ الحريرِ والذهب ... فذلك المكروهُ تحريما وجَبْ
وكل ما طلبَ تركَه بلا ... جزمٍ.. فذا المكروهُ تنزيهاً جَلا
-406- أورد مثالين اثنين: الأول: قوله عز وجل في سورة الجمعة-9- {يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع} والثاني هو آية المائدة - 101 - وهي قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم}
-407- وتارك المكروه مثاب، وفاعله ليس عليه عقاب ولكنه ملوم ومعاتب، لأنه فارق سنة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي الحديث: «من رغب عن سنتي فليس مني» رواه ابن عساكر عن أبي أيوب.
-408- الجمهور على أن المكروه منهي عنه، وترك المكروه مأمور به، وفي المسألة خلاف فصلناه في باب المندوب بأدلة كل فريق.
-409- والجمهور على أن المكروه لا يعد حكماً تكليفياً، وخالف في ذلك الاسفراييني أبو اسحاق، فعده حكماً تكليفياً.
من 410 حتى 413- أشار إلى أن الحنفية جعلوا المكروه قسمين: المكروه تحريمياً، والمكروه تنزيهاً. فكل ما طلب الشارع تركه طلبا جازما بدليل ظني، فهو المكروه تحريماً، وأورد لذلك مثالا: النهي عن لبس الحرير والذهب للرجال، فقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم -عنه، ففي حديث أبي داوود والنسائي عن علي بن أبي طالب أن النبي - صلى الله عليه وسلم -قال: (إن هذين حرام على ذكور أمتي حل لإناثهم) ، فقد ثبت التحريم بدليل ظني، ومثله في ذلك تحريم بيع المسلم على المسلم، وخطبة الرجل على خطبة غيره.
وأما ما طلب تركه طلباً غير جازم، فهو المكروه تنزيهاً، وحكمه كحكم المكروه عن الجمهور كما أسلفنا.