. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
الأَرْضَ إذا قَدَّرْتُها بشيءٍ معلومٍ، وفُلانٌ لا يقاسُ بفلانٍ، أي: لا يساويه.
وأمَّا في الاصطلاحِ فقيلَ: لا يمكنُ حَدُّه ولا رَسْمُهُ؛ لأنه يتركَّب من معلوماتٍ مختلفةِ الحَقَائِق، ووجودٍ وعدمٍ، والمختلفاتُ لا تجتمعُ في فَصْلٍ واحدٍ، ولا خاصيَّةٍ واحدةٍ، والحقُّ: أنه لا يمتنع اجتماعُ بعْضِ المختَلِفَاتِ في أمْر ما يتميَّز بخاصيَّةٍ؛ فيكونُ الاسمُ والحَدُّ مَقُولًا عليها باعتبارِ ذلك، ثُمَّ إِنَّه إذا كان القياسُ من الأُمُور الجَعْلِيَّةِ المصْطَلَح عَلَيها - فلا يمتنعُ حده، أو رسمه؛ كسائر الحقائق الشرعية الجعلية وغيرها.
وأَسَدُّ عبارة اعْتَمَدَهَا المتقدِّمون، واخْتَارَهَا المحقِّقون عبارَةُ القاضِي؛ وهي: حَمْلُ مَعْلُوم عَلَى معلوم في إثْبَاتِ حُكْمٍ لَهُمَا أَوْ نَفْيهِ عَنْهُمَا بأَمْرٍ جَامِعٍ بَينَهُمَا مِنْ حُكمٍ أَوْ صِفَةٍ أَوْ نَفْيِهِمَا.
وعدل عن لفظ "شَيء" إلى "معْلوم"؛ ليحوى به الموجُودَ والمَعْدُومَ؛ فإن قياسَ الدَّلالةِ يَجْرِي في المعدوم، والتعليلُ بالمانِعِ قياسٌ في نفي مَا لَهُ عرضيَّةُ الثبوتِ، وأَشَارَ إلى أنَّه لا يتمُّ إلا بجامع؛ فإِنَّ الجَمْعَ بِغَيرِ جَامِعٍ يَجُرُّ إِلى التعْطيل والتَّشْبِيهِ، ثم فَصَّلَ الجامعَ إلى "حُكْمٍ"؛ كقولك: "نَجِسٌ، فلا يَجُوزُ بَيعُهُ"، أو "صِفَةٍ"؟ كقولك: "مُسْكِرٌ؛ فَلا يَجُوزُ شُرْبُهُ"، أَوْ "نَفْيِ حُكْمٍ"؛ كقولك: "غَيرُ مَعْصُومِ؛ فَلَا يُضْمَنُ"، أَوْ "نَفْيِ صِفَةٍ"؛ كقولك: "غَيرُ مُنْتَفَعٍ بِهِ؛ فَلَا يَجُوزُ بَيعُهُ".
وأُورِدَ عَلَيهِ أسئِلَةٌ:
الأَوَّل: إِنْ أَرَادَ أَنَّهُ يُحْمَلُ إِثبَاتُ مِثْلِ حُكْمِ احَدِهِما للآخَرِ، فقَوْلُهُ: "في إِثْبَاتِ حُكْمٍ لَهُمَا": تَكْرَارٌ، وإن أراد غيره، فلا بُدَّ من إثباته.
الثَّاني: قولُهُ: "في إثبات حُكْمٍ لهما": يشعر بأن الأصْلَ ثبوتُ الحكْمِ في الأصل بالقياسِ، وهو دَوْرٌ، ويشْعِرُ بأَنَّ الثابت في الفَرْعِ عينُ حُكْمِ الأَصْلِ، وإِنه محالٌ؛ لاختلافِ المتعلَّق، ولأنَّ ثبوتَ الحُكمِ في الأَصْلِ مقطوعٌ به، وفي الفَرْعِ مظنونٌ، وفي الأَصْلِ مُجْمَعٌ علَيهِ، وفي الفَرْعِ مُخْتَلَفٌ فيه، وثبوتُهُ في الأَصْلِ بالنَّصِّ والإِجماعِ، وفي الفرعِ بالعِلَّةِ، وهو في الأَصْلِ أَصْلٌ، وفي الفَرْعِ فَرْعٌ فكَيفَ يَتَّحِدُ؟ ! .
الثالِثُ: تفصيلُهُ لِلْجَامِعِ: إمَّا أن يكُونَ مفتَقِرًا إلَيهِ، أَوْ لا: فإن كان مُفتَقِرًا إِلَيه، فَهَلَّا فصلَ المَقِيسَ إلى حُكْم وصفةٍ؛ فإنَّ القياسَ يجري في الصِّفَة؛ كإثباتِ أَنَّ البَارِيَ تعالى عَالِمٌ؛ لثبوتِ العَالِمِيَّةِ لَهُ؛ قياسًا على الشَّاهِدِ؛ فَإِنَّ المُعْتَزِلِيَّ يُسَلِّم تلازُمَ العِلْمِ للعالِمِيَّةِ شِاهدًا، ويسلم ثبوت الْعَالِمِيَّةِ غائبًا؛ فيلزمُهُ ثُبُوتُ العِلْم غائبًا، وإن لم يكُنْ مفتَقرًا إلَيه، وإنما هو أَمْرٌ عَرضَيٌّ للجامع، فَكَانَ زيادةً.