ثَانِيهَا: أَنَّهُمْ وَاصَلُوا الصِّيَامَ لَمَّا وَاصَلَ، وَخَلَعُوا نِعَالهُمْ في الصَّلَاةِ لَمَّا خَلَعَ، فَلَمَّا ذَكَرَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - الفَرْقَ، تَرَكُوا تِلْكَ الْمُتَابَعَةَ؛ وَلَوْلَا أَنَّهُ تَقَرَّرَ عِنْدَهُمْ: أَنَّ الأَصْلَ وُجُوبُ مُتَابَعَتِهِ؛ وَإِلَّا لَمَا فَعَلُوا ذلِكَ.
ثَالِثُهَا: أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ الله عَنْهُ - كَانَ يُقَبِّل الحَجَرَ الأَسْوَدَ، وَيَقُولُ: "إِنِّي لأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ؛ وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يُقَبِّلُكَ، مَا قَبَّلْتُكَ".
وَبِالجُمْلَةِ: فَتَمَسُّكُ الصَّحَابَةِ بِأَفْعَالِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَجْرِي مَجْرَى التَّوَاتُرِ الظَّاهِرِ.
العَاشِرُ: الحَدِيثُ المَشهُورُ؛ وَهُوَ قَوْلُهُ - صلى الله عليه وسلم -: "عَلَيكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِي، عَضُّوا عَلَيهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ؛ فَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالةٌ".
وَالاسْتِدْلَالُ بِهذَا الْخَبَرِ، مِن ثَلاثَةِ أَوْجُهٍ:
===
قوله: "العاشر: الحديث المشهور؛ وهو قوله -عليه الصلاة والسلام-: "عليكم بسنتي ... ":
يقال فيه: إِنَّهُ محمولٌ على ما عُرِفَ وَصْفُهُ من قولٍ، أو فعل، وهو الجوابُ عن الحادي عشر، وهو قوله -عليه الصلاة والسلام-: "مَنْ تَرَكَ سُنَّتِي فَلَيسَ مِنِّي، وعن الثاني عشر أَيضًا؛ وهو قوله -عليه الصلاة والسلام-: "مَا أَنَا عَلَيهِ وَأَصْحَابِي"؛ وعن الثالث عشر؛ وهو قولُهُ - عليه الصلاة والسلام-: "تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ".