الْبَاب الخَامِسُ فِي الأَفعَالِ، وَفِيهِ فَصْلانِ:

الْفَصْلُ الأوَّلُ فِي أَنَّ أَفْعَال النَّبِيِّ - عَلَيهِ السَّلامُ - حُجَّةٌ

وَالمُختَارُ -عِندَنَا-: أَن كُلَّ مَا أَتَى بِهِ الرَّسُولُ - عَلَيهِ السَّلامُ - وَجَبَ أَنْ نَأتِيَ بِمِثْلِهِ، إلا إِذَا دَلَّ دَلِيلٌ مُنْفَصِلٌ عَلَى خِلافِهِ.

وَقَال قَومٌ: لَيسَ كَذلِكَ.

===

عُدنَا إلى المسألة، ولا بُدَّ من تنقيحِ مَحَلِّ النزاع، فنقول:

ما كان من أفعالِ الجِبِليةِ؛ كأصلِ القِيَامِ والقُعودِ، والأكل والشرب - فالاتفاقُ على أنَّه مُبَاحٌ مِنَّا ومِنهُمُ.

وما دَلَّ الدليلُ على اختصاصِهِ به - صلى الله عليه وسلم - كوجوبِ الوتر، والتَّهَجُّدِ وغير ذلك- فالاشتراكُ فيه يُنَافِي الاختصاصَ.

وما وقع منه بيانًا: إمَّا بقولٍ؛ كقوله - عليه الصَّلاة والسلام -: "صَلُّوا كَمَا رَأَيتُمُونِي أُصَلِّي".

"أو بقرينة حالٍ؛ كما إِذا أمَرَ بِقَطع السَّارِقِ، ثُمَّ قَطَعَهُ من الكُوعِ-: فلا نزاعَ في الاقتداءِ به.

وما عُلمَت صِفَتُهُ من أفعاله- علمه الصَّلاة والسلام- من وُجُوب، أو ندب، أو إِباحة-: فالجمهورُ على وجُوبِ اتباعِهِ فيه بحسبه: إنْ وجوبًا فوجوبٌ، وإن ندبًا فندبٌ، وإنّ إباحةً فإِباحةٌ.

وقال أبو علي بن خلاد المعتزلي بذلك في العِبَادَاتِ خَاصَّة.

وقال قومٌ: حُكمُهُ حُكمُ ما لم تُعلَم صِفَتُهُ، وسنذكره إِن شاء الله تعالى.

وأمَّا ما لم يُعلَم، فهو مَحَلُّ النزاعِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015