رَابِعُهَا: تَأْخِيرُ بَيَانِ النَّكِرَةِ، إِذَا أُرِيدَ بِهَا شَيء مُعَين.
فَمَذْهَبُنَا: أنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ، في كُل هذِهِ الأقسَامِ، إلى وَقْتِ الْحَاجَةِ.
وَأما أَبُو الْحُسَينِ الْبَصْرِيُّ: فَإِنّهُ مَنَعَ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ فِيمَا لَهُ ظَاهِرٌ، وَقَدْ أُرِيدُ بِهِ خِلافُهُ، ثُمّ زَعَمَ: أنَّ الْبَيَانَ الإِجْمَالِيَّ كافٍ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ الْخِطَابِ: اعْلَمُوا أَن الْعُمُومَ مَخْصُوصٌ، وَأن هذَا الْحُكْمَ سَيُنْسَخُ، وَأما الْبَيَانُ التفْصِيليُّ: فَإِنّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ. وَأَمَّا الّذِي لَا يَكُونُ لَهُ ظَاهِرٌ؛ كَالألفَاظِ الْمُتَوَاطِئَةِ وَالْمُشْتَرَكَةِ - فَقَدْ جَوزَ فِيهِ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ إِلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ.
أمَّا أَبُو عَلِيُّ وَأَبُو هَاشِمٍ: فَقَدْ مَنَعَا مِنْهُ.
لَنَا وُجُوهٌ:
الأولُ -وَهُوَ الدلِيلُ الْعَامُّ-: أَنَّا بَينَّا في "عِلْمِ الْكَلامِ": أَن تَحْسِينَ الْعَقْلِ وَتَقْبِيحَهُ لَا
===
قوله: "ورابعها تأخير بيانِ النكرة إذا أُرِيدَ بها شيء مُعَينٌ".
والأَوْلَى أن: يقولَ: وتقييدُ المُطْلَقِ؛ لِيَدخُلَ فيه وَصْفُ النَّكِرَةِ وَتَعَينُهَا معًا.
قوله: "فمذهبنا أنه يجوزُ تأخيرُ البيانِ في كل هذه الأقسام إلى وقت الحاجَةِ": لم يَخْتَلِفوا في أَنَّ تَأخِيرَ البيانِ عن وقت الحاجة لا يجوزُ، إلَّا على تقديرِ التكليفِ بالمُحَالِ، والظاهِرُ أنه غَيرُ وَاقِع.
وأما التأخِيرُ عن مَوْرِدِ الخطاب إِلى وقت الحاجة فهو في مَحَل النزاع، والمَذَاهِب فيه كما ذَكَرَ.
قوله: "لنا وجوه: الأول: وهو الدليل العَامُّ" يعني: أنه شامِلُ لجميع المسائلِ المُتَنَازَعِ فيها.
قوله: "ما ثبت في علم الكلام، أن تحسين العقل وتقبيحه لا يجري في أفعالِ الله تعالى، ولا في أحكامِهِ، فوجب ألا يقبحَ من الله تعالى شيء":