. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وأبو حنيفةَ يَزْعُمُ أَنَّ تقييدَ المُطْلَقِ زِيَادَةٌ على نَصِّ القرآن، وأَنَّ بين المُطْلَقِ والمُقَيَّدِ تنافيًا، فيكونُ نسِخًا؛ والقرآنُ لا ينْسَخُ بالقياسِ.
والحقُّ: أنَّ إِجْزَاءَ الرَّقَبَةِ الكافرةِ عند الإطلاقِ لم يكن من إِشعارِ اللفظ؛ وإنما كان من عَدَمِ دليلٍ، فَرَفْعُهُ لا يكونُ نسخًا، ثم لو سُلِّمَ إِشعارُهُ بإجزَاءِ كُلِّ رقبة، وأَنَّ تقييدَهُ بالإِيمانِ- يُخْرِجُ بَعْضَ الرقابِ عن الإِجْزَاءِ، فلا يَزِيدُ إشعارُهُ على إشعارِ العامِّ بأفرادِهِ، وقد جُوِّزُ تخصيصُهُ بخبر الواحِدِ، والقياسِ، وقد نَاقَضَ ما أَصَّلَهُ؛ فإنه قَيَّدَ الرقبةَ بالسلامة، وقيد: {وَلِذِي الْقُرْبَى} [النساء: 36] فِي آية الغنيمة بالفقر.
فرع:
إِذا قُيِّدَ فِي مَحَلَّينِ بمتقابلينِ، ثم أُطْلِقَ فِي موضع آخرَ، فلا يُقَيَّدُ فِي أَحَدِهِمَا لا بترجيح؛ كما قَيَّدَ الشارعُ الصومَ فِي الظهارِ بالتتابُعِ، وقَيَّدهُ فِي التَّمَتُعِ بالتفريقِ، وأطلقه فِي كَفَّارَةِ اليمينِ، فلا يُحْمَلُ على أحَدِهِمَا إلَّا بِمُرَجِّحٍ.
الحالة الرابعة:
اختلاف المُوجَب والمُوجِب، فلا خِلَافَ على أَنَّ أَحَدَهُمَا لا يُحْمَلُ على الآخر إلَّا بجامعٍ، والله أعلم.
ومِمَّا يَعْرِضُ لألفاظِ الكتاب العزيز والسُّنَّةِ: الإِجمالُ، والبَيَانُ، وقد اختلف الأصوليون فِي حَدِّ البيانِ:
فقال الصيرفيُّ: هو إِخراجُ الشيءِ من حَيِّزِ الإِشْكَالِ إلى حَيزِ التَّجَلِّي والوُضُوحِ.
واعْتُرِضَ عليه: بأنه غَيرُ جامع؛ فإنَّهُ لا يَتَنَاوَل إلَّا بيانَ ما سبق إِشكالُه.
ونُوقِشَ أيضًا: باستعمال الخروجِ والحَيِّزِ فِي المعاني، وهو مَجَازٌ، لا سيما مع اختلافِ المُتَكَلِّمِينَ فِي حقيقة الحَيِّزِ ما هو؟ وبأنه اشتملَ على زيادَةٍ مُسْتَغْنًى عنها، وهي قوله: والوضوح، وهو التجلي.
وقيل فِي حده: إِنَّهُ العِلْمُ.