عنه، كما نص على ذلك كثير ممن ترجموا له.
ولد أبو عبد الله سنة ثلاث وأربعين -وقيل: سنة أربع وأربعين- وخمسمائة.
هكذا في طبقات ابن السبكي.
وفي "وفيات الأعيان": "وكانت ولادة فخر الدين في الخامس والعشرين من شهر رمضان سنة أربع وأربعين -وقيل: سنة ثلاث وأربعين- وخمسمائة بـ "الري".
وفي "الوافي": "ولد سنة أربع وأربعين وخمسمائة".
وفي "السير" للإمام الذهبي: "ولد سنة أربع وأربعين وخمسمائة". ولعل هذا هو الراجح.
لقد تعلم الفخر في بكورة عمره كما يتعلم أبناء عصره، فنراه يقبل على طلب العلم بِنَهَمٍ وشدة، وهو لا يزال في ربيع حياته وعنفوان شبابه.
ولقد كان من أكبر الدوافع لإمامنا على الطلب شغفه بالمعرفة وحب العلم، فالناس - في عصره- يروحون جيئة وذهابًا في طلب العلم، فيجلسون للشيوخ ويسمعون منهم، ويكتبون عنهم.
وطبيعي أن يتجه الرازي -بدأة- في سبيل تعلمه إلى ساحة والده، فينيخ فيها رحله، وينهل من المنهل الروى، فيسمع منه، ولم لا وقد كان الإمام ضياء الدين أحد كبار علماء الشافعية في عصره، وكان خطيب "الري". وسيأتي الكلام عليه ضمن شيوخه.
والمقصود أن الفخر نشأ نشأة علمية، وحرص ألا يضيع شيء من وقته سدى، فنراه يقول: "والله، إنني لأتأسف في الفوات عن الاشتغال في طلب العلم في وقت الأكل؛ فإن الوقت والزمان عزيز".
ولقد سابق الفخر الأمجاد، فاستولى على الأمد بغلابه، ولم ينض ثوب شبابه. أدمن التعب في السؤدد جاهدًا، حتى تناول الكواكب قاعدًا، وما أشكل على أوائله، ولا سكن إلى راحات بكره وأصائله، فسما إلى رتب الكهول صغيرًا، وشن كتيبة ذهنه على العلوم مغيرًا، فسباها معنى وفصلًا، وحواها فرعًا وأصلًا.
ومما بلّغه هذه المنزلة أن الله -سبحانه- حباه بذهن وقاد، وقريحة مستنيرة، فحفظ في فترة وجيزة كتبا عظيمة، منها "الشامل" في علم الكلام لإمام الحرمين، و"المستصفى"