السَّابِقَينِ عَلَيهِ، عَينَ مَا أَثْبَتَهُ الآخَرُ؛ فَيَنْجَبِرُ النُّقْصَانُ بِالزِّيَادَةِ، وَيَبْقَى مَا كَانَ حَاصِلًا قَبْلَ الاسْتِثْنَاءِ؛ فَيَصِيرُ [الاسْتِثْنَاءُ] الثَّانِي لَغْوًا.
وَاعْلَمْ: أَنَّ هَذَا الكَلَامَ جَيِّدٌ، وَلَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَثْبُتَ أَنَّ الاسْتِثْنَاءَ مِنَ النَّفْيِ إِثْبَاتٌ.
الرَّابعُ -وهُوَ أَلَّا يَرْجِعَ الاسْتِثْنَاءُ الثَّانِي لَا إِلَى الاسْتِثْنَاءِ الأوَّلِ، وَلَا إِلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ-: فَهُوَ بَاطِل بِالاتِّفَاقِ.
اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ حِكَايَةَ الْحَالِ لَا تُفِيدُ الْعُمُومَ؛ وَهذَا هُوَ الْحَقُّ؛ لأَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ: "إِنَّ فُلَانًا فَعَلَ كَذَا"- يَكْفِي فِي صِدْقِهِ كَوْنُ ذلِكَ الْمُخْبَرِ عَنْهُ آتِيًا بِذلِكَ الفِعْلِ مَرَّةً وَاحِدَةً، فَكَيفَ يَثْبُتُ الْعْمُومُ؛ فَهذَا الكَلَامُ حَقٌّ، وَفِيهِ بَحْثٌ:
وَهُوَ: أَنَّ جُمْهُورَ الأُصُولِيِّينَ أَثْبَتُوا إِجْمَاعَ الصَّحَابَةِ عَلَى الْعَمَلِ بخَبَرِ الْوَاحِدِ، وَعَلَى الْعَمَلِ بِالْقِيَاسِ؛ لِمَا نُقِلَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ عَمِلُوا بِخَبَرِ مِنْ أَخْبَارِ الآحَادِ، وَبِأَنَّهُمْ قَاسُوا.
فَنَقُولُ: هذِهِ حِكَايَةُ حَالٍ، فَيَكْفِي فِي صِدْقِهِ ثُبُوتُهُ فِي صُوَرةٍ وَاحِدَةٍ؛ فَهذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ نَوْعًا مِنْ أَنْوَاعِ الْخَبَرِ الْوَاحِدِ حُجَّةٌ، وَأَنَّ نَوْعًا مِنْ أَنْوَاعِ الْقِيَاسِ حُجَّةٌ، وَلَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ خَبَرًا وَاحِدًا فَهُوَ حُجَّةٌ، وَأَنَّ كُلَّ مَا كَانَ قِيَاسًا فَهُوَ حُجَّةٌ.
===
يَتَوقَّفُ عليه أمْرٌ ما، بصيغة "إن" وما فِي معناها، وهو المقصود ها هنا.
وأكثر أحكامِهِ كأحكام الاستثناء، مِنْ عَدَمِ الاستقلالِ، ووجوب الاتصال، وجوازِ تَعَدُّدِهِ، واتحادِ المشروط والعكس، وَيصِحُّ أنْ يكونَ وجودًا وعدمًا.
ويُخَالِفُ الاستثناءَ فِي وجوب التقدم، أو أنَّه الأصل على رأي، بخلافِ الاستثناء. وإذا تَعَقَّبَ جملًا، فقدِ اتَّفَقَ الجمهورُ على عَوْدِهِ إلى الجميع، ومنع الفخر ذلك، وتوقف الواقفية.
[المسألة العاشرة]
[قوله]: "اتَّفَقُوا على أَنَّ حكايةَ الأحوال لا تُفِيدُ العمومَ، وهذا هو الحَقُّ؛ لأنَّ قولَ القائل: إِنَّ فلانًا فعل كذا يكفي فِي صِدْقِهِ كونُ المُخْبَرِ عنه آتيًا بذلك الفعلِ مَرَّةً واحِدَةً".
صوابُ التمثيل أنْ نقولَ: كان يفعل كذا وهذا ليس على إطلاقِهِ؛ فإنَّ مِثْلَ ذلك إذا اسْتُعْمِلَ فِي مَعْرِضِ المدح، أو الذَّمِّ، اقتضى العُرْفُ أَن ذلك مِمَّا يَكْثُرُ منه فِعْلُهُ؛ كقوله تعالى فِي المدح: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17]، وفي الذَّمِّ: {كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ} [المائدة: 79].
وقوله: "هذا كلام حق وفيه بحث ... إلى قوله وحينئذ خرج دليلهم عن كونه حجة- أي إلى آخر ما ذكره المصنف فِي المسألة: