الأَوَّلُ: أَنَّ جُمُوعَ الْقِلَّةِ لا تُفِيدُ إلا مَا دُونَ الْعَشَرَةِ، مَعَ أَنَّهُ يَصِحُّ الاسْتِثْنَاءُ منْهَا.
الثَّانِي: أَنَّ سِيبَوَيهِ نَصَّ عَلَى أَنَّ جَمْعَ السَّلَامَةِ مِنْ جُمُوع الْقِلَّةِ، مَعَ أَنَّهُ يَصِحُّ الاسْتِثْنَاءُ مِنْهَا.
الثَّالِثُ: أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُقَال: "صَلِّ إلا فِي الْوَقْتِ الْفُلَانِيِّ"، مَعَ أَنَّ الأَمْرَ لا يُفِيدُ التَّكْرَارَ.
الرَّابعُ: أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُقَال: "اصْحَبْ جَمْعًا مِنَ الْفُقَهَاءِ إلا فُلَانًا"؛ فَهاهُنَا: الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مُنَكَّرٌ، وَلَا يُفِيدُ الْجَمْعَ؛ مَعَ أَنَّهُ يَصِحُّ [الاسْتِثْنَاءُ مِنْهُ].
===
منه، يعني فيكون الاسْتثناءُ لإِخراج الصالح للدخول، فلو كان فِي المُعَرَّفِ كذلك، لم يكن فرق.
قوله: "الثاني: أنَّه نقل عن بعضهم: أَنَّ الاستثناء إخراج ما لولاه لدخل، وعن آخرين: أنَّه إخراج ما لولاه لصلح".
ويدل على صِحَّةِ ما قاله: أَنَّ الاستثناء مِنَ النصوص لإِخراج الداخل؛ كفوله تعالى: {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إلا خَمْسِينَ عَامًا} [العنكبوت 14]، ومن مثل قولِه: صَلِّ ركعتين بالفاتحة والمعوذتين إلَّا فِي وقت كذا لإخراج الصالح.
قوله: "فنقول: جعله حقيقةً فِي الوجوب، مجازًا فِي الصحة - أَوْلَى؛ لأن الصحة من لوازم الوجوب، والملازمة شرطُ صحة المجاز" يعني: أَنَّ الأخص يستلزم الأعم، والدال على الأخص بالمطابقة دَالٌّ على الأعم بالتضمين أو الالتزام، ولا ينعكس.
قولُه: "احتج القائِلُون بأنَّ الاستثناء لإِخراج الصالح للدخول بوجوه:
الأول: أَنَّ جُمُوعَ القلة لا تفيد إلا ما دون العشرة".
صوابه أَنْ يَقُولَ: لا تفيد إلا العشرة فما دونها.
قوله: "مع أنَّه يصح الاستثناء منها"، يعني: أنَّه يصح استثناء ما زاد على العشرة بطريق البدَلِ، وما ذاك إلا لصحة الدخُولِ.
قوله: "الثاني: أَنَّ سيبويه نصَّ على أن جَمْعَ السلامة مِنْ جُموع القلة، مع أنَّه يصح الاستثناء مِنْهَا" وجهه ما سبق.
ووجه التوفيق بين ما نُقِل عن سيبويه، وما ذكره الفقهاء: أن يحمل كلام سيبويه على المنكر، أو يقال: أنَّه الأَصْلُ، وغلب استعماله فِي الكثرة، فصار التعميم ثابتًا بالعرف، إِما لغة، أو شرعًا.
قوله: "الرابع: أنَّه يقال: اصْحَبْ جمعًا من الفقهاء .. " إِلَى آخره، يعني بِصِحَّةِ الاسْتثناءِ صحة الاستثناء من المنكر، وقد تقدم.