الأَوَّلُ: أَنَّ هذِهِ الصِّيغَةَ وَرَدَتْ حَيثُ صَدَقَ فِيهِ الْوُجُوبُ تَارَةٌ، وَحَيثُ صَدَقَ فِيهِ النَّدْبُ أُخْرَى، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةً فِيهمَا؛ وَإِلَّا لَزِمَ الاشْتِرَاكُ؛ وَهُوَ خِلافُ الأَصْلِ، وَلَا أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةً فِي أَحَدِهِمَا، مَجَازًا فِي الآخَرِ؛ لأَنَّ الْمَجَازَ خِلافُ الأَصْلِ؛ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةً فِي الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ؛ وَهُوَ تَرْجِيحُ جَانِبِ الفِعْلِ عَلَى التَّرْكِ؛ لأَنَّ هَذَا الْمَفْهُومَ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَينَ التَّرْجِيحِ الْمَانِعِ مِنَ التَّرْكِ الَّذِي هُوَ الْوُجُوبُ، وَبَينَ التَّرْجِيحِ الَّذِي

===

أحدها: أَنَّ هذه الصيغةَ وردت حَيثُ صدق فِيهِ الوجوبُ تارةً، وحيث صدق فِيهِ الندبُ أُخْرَى. . ." إلى قوله: "وما به المشاركة" يعني: هو أصلُ الترجِيح "غير ما به المخالفة" يعني: المنع من النَّقِيضَينِ أو عدم المنع.

وقوله: "وهو غير مستلزم له" يعني: لأَنَّ اللفظ إذا كانَ مَدْلُوله المعنى العام، فلا يَدُلُّ على الخاص، لَا مَطَابقةً، ولا تضمنًا، ولا التزامًا؛ فَيَتَعَيَّنُ أَن يكون مقولًا عيه بالتواطؤ، يعني: فيكون مدلولُهُ تَرْجِيحَ جانب الفعل على ما صرح به، وفيه مناقشة؛ فإنَّ القدر المشترك عند الفقهاء هو الطلب، وعند المعتزلة: إرادة المأْمُورِ به، وترجيح الفعل لازِمٌ لأحد الأمرين، فجعله حقيقة في اللازم، لم يقل به أحدٌ من الفريقين.

وقوله: "وَفي هذا المقام إِنْ أَردْنَا نُصْرَةَ مَنْ يقولُ الصيغة محتملة للوجوب، والنَّدْبِ -يعني: بطريق التواطؤ- اكتفينا بهذا القَدْرِ، وإِنْ أردْنا نُصْرَةَ من يقول إِنَّها للندب، قلنا: لما ثبت أَنَّ هذه الصيغةَ دلَّتْ على أصل الرُّجْحانِ، وقد كان جواز الترك ثابتًا بمقتضى البراءة الأصلية، فحينئذٍ يحصُلُ من اللفظ والبراءة الأصلية الإِشعار بالندب".

والاعتراضُ عليه: أَنَّ إِثباتَ اللغة بالاستصحاب العقلي لا يصِحُّ؛ فإنها إِمَّا توقِيفيَّة، أَو اصْطِلاحِيَّة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015