ولذلك ابن القيم حتى أنه نظمها في النونية وطبَّقها -الدلالات الثلاث- طبّقها على أسماء الله عز وجل: الرحمن يقول: دلالة مطابقة يدل على الذات والصفة. والتضمن يدل على الذات فقط دون الصفة، أو على صفة الرحمة دون الذات. والالتزام يدل على العلم والحياة .. ونحو ذلك.

إذاً: هذه الدلالات الثلاث تُطبّق في كل لفظٍ، وهذا اللفظ سواء تعلق به حكمٌ شرعي أو لا. يعني فيما يتعلق بالناس .. أحادِيثِهم، وفيما يتعلق بالشرعيات.

أما ما يتعلق بالشرعيات فلا شك أن الدلالات الثلاث تتأتى فيه: دلالة المطابقة، والتضمن، والالتزام. ولا إشكال فيه.

لأن لازم الحق حق، أما ما يتعلق بالبشر فلا، دلالة الالتزام هذه يُنظر فيها، يتوقف فيه حتى يثبت أن هذا لازمٌ ويُسلِّم به صاحبه.

ولذلك اختلفوا: هل لازم المذهب مذهب أو لا؟ خلافٌ بينهم.

وأما في الشرع فلا، كل ما كان لازماً لحرفٍ "يعني: كلمة" في كتاب الله تعالى فهو حق، فيقال به، على أنه حكمٌ شرعي، وكل ما كان كذلك في السنة يقال به كذلك على هذا الوجه؛ لأن لازم الحق حقٌ.

وأما في البشر فيما يتعلق بينهم فلا، إنما يُنظر فيه ويتوقف، وأما التضمن والمطابقة فهذه واضحة بيّنة.

ولذلك التضمن وضعية "يعني: من جهة الوضع اللغوي" والمطابقة وضعية كذلك، وأما الالتزامية فهذه عقلية كما سيأتي.

(ولما كانت معرفة الكُلِّيّات الخمس تتوقف على معرفة الدلالات).

الكُلِّيّات الخمس قال هناك: (عبارة الشارح فيها قصور؛ لأن المتوقف هو التصورات والتصديقات) ليست الكُلِّيّات الخمس فحسب، وإنما التصورات والتصديقات، ولا شك أن قَصْر المصنف الكُلِّيّات الخمس فقط فيما تتوقف على الدلالات فيه شيءٌ من القصور، بل هو كُلِّيّات وزيادة.

إذاً: ما الذي يتوقف على فهم الدلالات أو الدلالة وأنواعِها؟

نقول: المعلومات التصورية والمعلومات التصديقية، وليس التوقف هنا خاصاً بالكُلِّيّات الخمس.

قال: (فيه قصورٌ لأن المتوقف هو التصورات والتصديقات، بما أن الكل من قبيل المعاني لا خصوص الكُلِّيّات الخمس. ففي عبارته قصور).

قال: (تتوقف على معرفة الدلالات الثلاث) حصرُ الدلالة الوضعية في الثلاثة هذا عقليٌ.

ثم فسَّر هذه الثلاث: (المطابقة، والتضمن، والالتزام).

وإنما خصَّ هذا النوع من أنواع الدلالة لأن بحث المنْطِقي في هذا النوع، سيأتي أن الدال إما لفظي أو غير لفظي، وكلٌ منهما إما بالوضع وإما بالعقل وإما بالطبع.

إذاً: هي ستة، والذي يعتني به المناطقة هنا هو الدلالة اللفظية الوضعية فحسب، وهذا النوع هو الذي ينقسم إلى: المطابقة، والتضمن، والالتزام.

نص عليها هنا الشارح بناءً على أن المنْطِقي إنما يبحث في هذا النوع فحسب، وأما ما عداها فلا يبحث فيها البتة.

إذاً: معرفة الدلالات الثلاث التي هي أنواعٌ للدلالة اللفظية الوضعية، ثم فسَّرها الثلاث قال: (المطابقة، والتضمن، والالتزام).

(المطابقة) إعرابُه هذا بدل بعض من كل، أو يكون خبر مبتدأ محذوف وهي: أولُّها المطابقة، والتضمن، والالتزام.

قال: (وأقسام اللفظ) المراد بأقسام اللفظ من حيث الإفراد والتركيب.

مُسْتَعْمَلُ الأَلْفاظِ حَيْثُ يُوجَدُ ... إِمَّا مُرَكَّبٌ وَإِمَّا مُفْرَدُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015