(كَقَوْلِنَا: الْعَدْلُ حَسَنٌ وَالظُّلُمُ قَبِيحٌ) (ومراعاة الضعفاء محمودة، وكشفُ العورة مذموم) هذه أربعة أمثلة، كلها على المشهورة، ولم يأت بمثال للمسلَّمة؛ لأنها تختلف، التسليم هذا خاص، مسلَّمة عند الخصمين، وهذان يختلفان من شخصين إلى شخصين آخرين.

(الأمثلة المذكورة للمقدمات المشهورة، لم يذكر مثالاً للمسلَّمة لعدم تعيُّنها؛ إذْ المدار فيها على تسليم الخصم لها، وإن لم تكن حقةً عنده) إذاً: لا مثال له إلا ما يكون في باب المناظرات في الفقهيات وغيرها.

(والغرض منه: إلزام الخصم وإفحامُه، واعتيادُ النفس تركيب المقدمات على أي وجهٍ شاء وأراد.

وإقناع من هو قاصرٌ عن إدراك مقدمات البرهان) يعني: إقناع القاصرين عن درجة البرهان.

قال هنا العطار: (مِنْ مُقَدِّمَاتٍ مَشْهُورَةٍ أَو مُسَلَّمَةٍ) قال في شرح المطالع: (المشهورات قضايا يحكم العقل بها بواسطة اعتراف عموم الناس بها، إما لمصلحة عامة كقولنا: العدل حسن والظلم قبيح، أو بسبب رقة "في الطبع يعني" كقولنا: مواساة الفقراء محمودة، أو حمِيَّة. كقولنا: كشف العورة مذموم.

أو بسبب عادات وشرائع وآداب. كقولنا: شكر المنعم واجب.

وقد تشتبه بالأَوَّلِيَّات –المشهورات-، والفرق بينهما: أنَّ الإنسان لو قُدِّر .. ) انتبه لهذا المثال (أنَّ الإنسان. ز) أراد أن يفرق بين الأَوَّلِيَّات وبين المشهورات.

(أن الإنسان لو قُدِّر أنه خُلِق دَفعة واحدة من غير مشاهدة أحدٍ وممارسة عمل) هكذا دون أن يتعلق بشيء.

(ثم عُرض عليه هذه القضايا توقَّف فيها بخلاف الأَوَّلِيَّات).

الأَوَّلِيَّات يقبلها يعني: الجزء أكبر من الكل، وإذا ما رأى جزءاً ولا كلاً، كيف يحكم بأن الجزء أصغر من الكل والكل أكبر من الجزء؟ هذا فيه إشكال.

قال: (فإنه لم يتوقف فيها، والمشهورات قد تكون حقة وقد تكون باطلاً).

اليقينيات هناك في الأصل فيها أنها حقة، إذا كان يقين عند أهل الإسلام مثلاً حينئذٍ تكون حقة، لكن المشهورات لا، اشتهر .. مقدمة مشهورة، ثم قد تكون حقة وقد تكون باطلة.

(والأَوَّلِيَّات لا تكون إلا حَقَّةً.

والمسلَّمات قضايا تؤخذ من الخصم مسلّمة فيما بين الخصوم، فيبني عليها كل واحدٍ منهم الكلام في دَفع الآخر حقّةً كانت أو باطلة، كحُجية القياس والدوران ونحوها).

(المشهورات إما مشهورة على الإطلاق أو بحسب صناعةٍ كقولنا: التسلسل باطل، أو عند أرباب مِلَّةٍ كقول: الإله واحد، والربا حرام.

فإن قلتَ حينئذٍ: لا تكون من المشهورات، إلا أنها هي التي يعترِف بها عموم الناس -على ما قالوا- قلتُ: إن الناس إما جميع أفراد الناس وهي المشهورات على الإطلاق، أو جميع أفراد طائفة، وهي المشهورات عند طائفة من الناس) يعني: عند فئة معيّنة.

قال هنا: (والغرض منه) يعني: من الجدل (إلزام الخصم).

قال السعد في شرح الشمسية: الغرض من الجدل إقناع من هو قاصرٌ عن إدراك البرهان، وإلزام الخصم؛ فالجدلي قد يكون مجيباً حافظاً لرأيه، وغايةُ سعيه ألا يصير ملزوماً.

وقد يكون سائلاً معترِضاً هادماً لوضعٍ ما، وغاية سعيه أنه يُلزِم خصمَه.

قال: (وَالخَطَابَةُ) بفتح الخاء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015