لأنه إذا ثبَت الأعم لا يثبت الأخص، فقد تقول: هذا حيوان والمراد به فرس ولا يرد الإنسان .. ليس عندنا إنسان. نقول: ما دخل هذا البيت إلا كذا ولا يكون إنساناً، وهو كذلك.
قال هنا: (وَاسْتِثْنَاءُ نَقِيضِ التَّالِي يُنْتِجُ نَقيضَ المُقَدَّمِ).
(وَاسْتِثْنَاءُ نَقِيضِ التَّالِي) إن كان هذا إنساناً فهو حيوان، لكنه ليس بإنسان فهو ليس بحيوان.
إذاً: استثناء نقيض المقدم، النقيض يكون بالسلب، يُنتج ماذا؟ نقيض التالي.
(وَاسْتِثْنَاءُ نَقِيضِ التَّالِي يُنْتِجُ نَقيضَ المُقَدَّمِ).
(وإلاَّ يُنتِج نقيض المقدَّم لزِم وجود الملزوم بدون لازمه وهو محال، فيبطُل به قاعدة اللزوم.
وإلا لزم وجود الملزوم وهو المقدَّم بدون اللازم وهو التالي، فيبطل اللزوم.
كقولنا: إن كان هذا إنساناً فهو حيوان، لكنه ليس بحيوان) استثنى نقيض التالي: ليس بحيوان (فلا يكون إنساناً) نقيض المقدَّم.
(فلا يُنتِج استثناءُ نقيض المقدَّم نقيضَ التالي) عكْسُه.
(إذ لا يلزم من عدم الملزوم عدم اللازم) أي: لجواز كون الملزوم أخص من اللازم، ولا يلزم من عدم الأخص عدم الأعم، بخلاف العكس فهو لازم.
قال: (والحاصل) هذه الخلاصة.
(أنه يلزم من إثبات عين المقدَّم إثبات عين التالي ولا عكْس، ويلزم من إثبات نقيض التالي إثبات نقيض المقدَّم ولا عكس.
فللمتصلة أربعة أضرُب: ضربان منتجان وضربان عقيمان).
ما أثبته -ضربان منتجان- عكسُهُما لا يُنتج وهما ضربان عقيمان.
قال هنا: (وشرطُ إنتاج المتصلة لزوميتُها، وإيجابُ الشرطية وكليتُها أو كُلِّيَّةُ الاستثناء) هذا مر معنا.
قال الرازي في شرح الشمسية: ويُعتبر لإنتاج هذا القياس شرائط:
يعني: وشرط إنتاج المتصلة، ذَكَر ثلاثة شروط: لزوميتها، وإيجاب الشرطية، وكليتها أو كُلِّيَّة الاستثناء.
قال: (أحدُها: أن تكون الشرطية موجبة، فإنها لو كانت سالبة لم تُنتج شيئاً لا الوضع ولا الرفع، فإن معنى الشرطية السالبة: سلب اللزوم أو العناد.
وإذا لم يكن بين أمرين: لزومٌ أو عناد، لم يلزم من وجود أحدهما أو عدمِه وجود الآخر أو عدمه) وهو كذلك.
إذا لم يكن بينهما تلازم فحينئذٍ لا يأتي عندنا رفعٌ ولا إثبات، لأنَّ الإثبات يلزم منه رفع المقابل، إذاً: ليس عندنا تلازم، فإذا لم يكن بينهما تلازم فحينئذٍ لا إثبات ولا رفع.
ولذلك قال: (فإنها لو كانت سالبةً لم تُنتِج شيئاً) فاشترطنا أن تكون موجبة، لماذا؟ (فإنَّ معنى الشرطية السالبة سلبُ اللزوم أو العناد.
وإذا لم يكن بين أمرين: لزومٌ أو عناد، لم يلزم من وجود أحدهما أو عدمِه وجودُ الآخر أو عدمه.
(وثانيهما) الشرط الثاني (أن تكون الشرطية لزومية إن كانت متصلة، وعنادية إن كانت منفصلة؛ لأنَّ العِلم بصدق الاتفاقية أو كذبها موقوفٌ على العلم بصدق أحد طرفيها أو كذِبه، فلو استُفيد العلم بصدق أحد الطرفين أو بكذبه من الاتفاقية للزم الدور.