يعني: في الصغرى خالفَه صار موضوعاً، وفي الكبرى خالفَه فصار محمولاً.
(لمخالفته إياه فيهما، وبُعدِه عن الطبع جداً؛ إذ لا يُستحصل به المطلوب إلا بعد أعمالٍ كثيرة، ولذا أًسقَطه الرئيس والفارابي من الأشكال) يعني: عدوا الأشكال ثلاثة، الرابع هذا لا يُلتفت إليه.
الخِسَّة المراد بها اشتمالها على محمول المطلوب الذي يُطلب لأجل الموضوع، فيكون الموضوع أشرف منه وهو أخص.
عندهم قاعدة: الموضوع أشرف من المحمول، والنتيجة فيها موضوعٌ وفيها محمول. حينئذٍ المقدِّمة التي اشتملت على موضوع النتيجة أشرف، وأشرف من المقدمة التي اشتملت على المحمول، هذا الذي يترتب عليه قضية الشرف.
(وَالشَّكْلُ الثَّانِي مِنْهَا) من الأشكال أي: الأشكال الأربعة، وهو ما حُمل فيه الأوسط في المقدمتين نحو: كل فرسٍ حيوان ولا شيءٍ من الحجر بحيوان، يُنتِج لا شيء من الفرس بحجر.
(يَرْتَدُّ إِلَى الْأَوَّلِ) يعني: يَرجع إلى الأول، فالرِّدة هنا اصطلاحية عُرفية يعني: رجَع إلى الأول.
(وَالشَّكْلُ الثَّانِي مِنْهَا يَرْتَدُّ إِلَى الْأَوَّلِ) يعني: يرجع إلى الأول. بماذا؟
(بَعَكِسِ الْكُبْرَى) يعني: تأتي بعكسها، لا بد أن تكون ضابط العكس، لا بد أن تأتي بالعكس.
(وهي في قولنا في المثال المتقدم: لا شيء من الحجر بحيوان وعكسُه: لا شيء من الحيوان بحجر؛ لأنها سالبةٌ كُلِّيَّة، عَكْسُها كهي) يعني: السور السلبي يبقى كما هو.
(ويُضم هذا العكس للصغرى فيَرجع للأول هكذا: كل فرسٍ حيوان) جاء محمولاً (ولا شيء من الحيوان بحجر) جاء موضوعاً، هذا الشكل الأول. رَدَدته بعد أن كان محمولاً فيهما إلى الشكل الأول (يُنتِج: لا شيء من الفرس بحجر).
إذاً: (الثَّانِي مِنْهَا يَرْتَدُّ إِلَى الْأَوَّلِ) يعني: ترُده إلى الأول، كيف ترُده؟
إذا وقع محمولاً فيهما، ترُده (بَعَكِسِ الْكُبْرَى) تأتي بالعكس.
وحينئذٍ ينتظم منها قياس، فيكون محمولاً في الصغرى موضوعاً في الكبرى.
قال: (لأنها المخالِفة للنظم الطبيعي) لأنها أي: العكس .. الكبرى.
الكبرى مخالفة للنظم الطبيعي يعني: لماذا نأتي بعكسها؟ لأنها مخالفة للنظم الطبيعي، فنحتاج إلى تقريبها ما يكون موافقاً للطبيعة.
يرد السؤال أولاً، الشكل الثاني مخالف للأول، يمكن أن ترُده إلى الشكل الأول، ماذا تصنع؟ تعكس الكبرى، لماذا الكبرى دون الصغرى؟ لأنها هي التي خالفت النظم الطبيعي، ونحن قلنا الشكل الثاني أقلَّ موافقة للطبيعة، حينئذٍ نريد أن نرُده، نرُده بماذا؟ بعكس الكبرى؛ لأن الكبرى هي التي وقع فيها الخلاف.
(لأنها) أي: الكبرى في الشكل الثاني هي المخالفة للنظم الطبيعي.
(بأن تقول في مثاله السابق) هذا تصوير لعكس الكبرى (في مثاله السابق: ولا شيء من باء ألف) ذكرناه فيما مضى.
(ولا شيء من باء ألف لأنها سالبة كُلِّيَّة عكسُها مثلُها).
قال هنا: (وَالثَّالِثُ يَرْتَدُّ إِلَيْهِ) يعني: إلى الأول.
(وَالثَّالِثُ) ما هو الثالث؟ أي: الذي الحد الأوسط موضوعٌ فيه فيهما: كل جسمٍ مؤلَّف وكل جسم حادث .. جسم جسم، وقع موضوعاً في المقدمتين.
قال: (وَالثَّالِثُ يَرْتَدُّ إِلَيْهِ) يعني: الأول.
(بِعَكْسِ الصُّغْرَى) لأنها هي المخالفة.