بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أَمَّا بَعْدُ:
بعدما قسَّم القياس إلى اقتراني واستثنائي، عرَفنا الفرق بينهما مع مثال كلٍ منهما قال: (وَالمُكَرَّرُ بَيْنَ مُقَدِّمَتَيِ القِيَاسِ) (فأكثرَ سواءٌ كان محمولاً، أم موضوعاً، أم مقدَّماً، أم تالياً) (يُسَمَّى حَدًّا أَوْسَطَ).
يعني: لا يصح أن يكون ثَم ترابط بين مقدِّمتي قياس إلا إذا كان بينهما وسط يعني: ما يجمع بينهما، وهو ما يسمى هنا بالحد الأوسط، لذلك قال: مكرَّر يعني: الذي تكرر.
(وَ) الحد (المُكَرَّرُ بَيْنَ مُقَدِّمَتَيِ القِيَاسِ) فأكثر مبنيٌ على ما سلف من جواز تركيب القياس الاقتران، وتقدم أن الحق خلافه.
يعني: من باب الظاهر فقط، وإلا هو كذلك قال: بأن القياس لا يتألف أكثر من مقدمتين، فإن وُجدت حينئذٍ هما قياسان بسيطان، وقوله: (فأكثر) حينئذٍ كأنه يخالف ما سبق لا، الحكم هنا باعتبار الظاهر.
(وَالمُكَرَّرُ بَيْنَ مُقَدِّمَتَيِ القِيَاسِ) (فأكثر سواءٌ كان محمولاً) أي: هذا المكرر (فيهما أو في أحدهما، أم موضوعاً، أم مقدماً، أم تالياً) فعمَّم المصنف هنا.
قال: (عمَّم؛ ليدخُل القياسُ الاقتراني المركّب من الحمليات والشرْطيات).
(سواءٌ) هذا فيه تعميم.
(من مقدمتي القياس) والمقدمة تُطلق ويراد به الحملية، وتُطلق ويراد بها الشرطية.
ومعلومٌ أن الحملية موضوع ومحمول، والشرطية مقدَّم وتالي، فهنا عمَّم فجاء بلفظ سواء.
(سواءٌ كان محمولاً) ما هو الذي كان؟ أي: المكرَّر بين مقدمتي القياس (محمولاً، أم موضوعاً، أم مقدَّماً، أم تالياً) هذا فيه تعميم ليشمل القياس الاقتراني المركَّب من الحمليات والشرطيات.
(فالأوسط إن كان تالياً في الصغرى مقدَّماً في الكبرى فهو الشكل الأول) يعني: ليس خاصاً بالحمليات، الحمليات أمرُها ظاهر.
(وإن كان العكس فهو الرابع، وإن كان تالياً فيهما فهو الثاني، وإن كان مقدَّماً فيهما فهو الثالث) فيما سيأتي إن شاء الله.
(وعلى قياس الحمليات شرائطُ إنتاجها حتى يُشترط في الأول -الشكل الأول- إيجاب الصغرى وكُلِّيَّة الكبرى، وفي الثاني اختلافُ المقدمتين في الكيف وكُلِّيَّة الكبرى نحو: كلما كانت الشمس طالعة فالنهار موجود، وكلما كان النهار موجوداً فالأرض مضيئة).
يعني: كل ما سيذكره المصنف هنا مما يتعلق بالحمليات فالشرطيات كذلك، كما أن الحمليات تكون في الشكل الأول والثاني والثالث والرابع، تنقسم الأشكال أربعة أنواع، هذا ليس خاصاً بالحمليات وإنما يدخل كذلك الشرطيات، وكل ما تعلَّق بالشكل من ضروب وأشكال ونتائج كذلك الشأن في الحمليات كالشأن في الشرطيات، والشأن في الشرطيات كالشأن في الحمليات. لا فرق بينهما البتة.
ولذلك عمَّم المصنف هنا قال: (سواءٌ كان محمولاً أم موضوعاً) هذا في الحمليات (أم مقدَّماً أم تالياً) فكل ما سيأتي حينئذٍ يُحمل على الحملية والشرطية.