(لأنهم عرَّفوا المقدِّمة بأنها ما جُعلت جزء قياس، فأخذوا القياس في تعريفها، فلو أُخذت هي أيضاً في تعريفه لزم الدور).
هذا ما يتعلق بتعريف القياس، الآن كله تعريف القياس هذا.
(قَوْلٌ مُؤَلَّفٌ مِنْ أَقْوَالٍ مَتَى سُلِّمَتْ لَزِمَ عَنْهَا لِذَاتِهَا قَوْلٌ آخَرُ) يعني: مغاير لهما.
ثم قسَّم لك القياس إلى نوعين: اقتراني واستثنائي.
(وَهُوَ) أي: القياس.
(إِمَّا اقْتِرَانِيٌ، وَإِمَّا اسْتِثْنَائِيٌ) يعني: اقتراني نسبة إلى الاقتران، واستثنائي نسبة إلى الاستثناء، وهو سهلٌ إن شاء الله.
قال: (إِمَّا اقْتِرَانِيٌ).
(وهو) أي: القياس الاقتراني.
(الذي) أي: القياس.
قلنا: الذي إذا جاءت في التعريف لا بد من جعل المعرَّف أو المقسوم موصوفاً له، هو الذي يكون جنساً.
(وهو الذي) الذي صفة لموصوفٍ محذوف أي: القياس.
(الذي لم يُذكر فيه نتيجةٌ ولا نقيضُها بالفعل).
يعني: ليس المراد أنه ليس له نتيجة لا، له نتيجة، لكن النتيجة أحياناً بلفظِها موضوعِها ومحمولِها تكون منصوصةً في القياس نفسه، وأحياناً لا تكون منصوصة، وإنما تكون المادة موجودة يعني: موضوع النتيجة موجود في إحدى المقدمتين، ومحمول النتيجة موجودٌ في إحدى المقدمتين، لكن التأليف والتركيب هذا غير موجود.
"العالم متغير" هذه مقدمة صغرى، كل متغير حادث، ما هي النتيجة؟ العالم حادث.
هل عندنا في المقدمتين العالم حادث؟ ليس عندنا، كلمة العالم هي موضوع الصغرى "العالم متغير".
وكل متغير حادث، حادث الذي هو محمول النتيجة هو محمول الكبرى.
إذاً: هي موزعة، حينئذٍ وجودُها في المقدمتين بالقوة؛ لأنها مبعثرة فيه، وإذا وُجد الشيء مبعثراً في شيءٍ ما قيل: هو موجودٌ بالقوة لا موجوداً بالفعل.
قال هنا: (وهو الذي لم يُذكر فيه) يعني: في ضمن المقدمتين.
(نتيجةٌ ولا نقيضُ النتيجة، بالفعل) أي: هي مذكورة فيه بالقوة، لماذا؟ (لأن القياس مشتملٌ على مادتها) ما هي مادة النتيجة؟ الموضوع والمحمول.
من أين جئنا بموضوع النتيجة من خارج؟ لا. من ضمن القياس، من أين جئنا بمحمول النتيجة من خارجٍ؟ لا. من ضمن القياس.
فالعالَم متغير كلمتان موجودتان في المقدمتين: الكلمة الأولى .. موضوع النتيجة هو موضوع الصغرى، ومحمولُه هو محمول الكبرى.
إذاً نقول: هي موجودة في القياس في المقدمتين، لكنها بالقوة لا بالفعل.
قال هنا: (لأن القياس مشتملٌ على مادتها وهو الموضوع والمحمول.
ومادة الشيء: ما يكون الشيء به بالقوة كالخشب للسرير فإنه سريرٌ بالقوة).
لو أراد أن يصنع .. ليس كل خشب، لو أراد أن يصنع سريراً فوضع الخشب، حينئذٍ نقول: هذا سريرٌ بالقوة؛ لأنه مادة للسرير، بقيت الصورة فقط، تقول: هذا الخشب سريرٌ، كيف جاء السرير؟ تنام عليه مباشرة لا، لا بد أن يُصنع أولاً.
فحينئذٍ نقول: هو سريرٌ بالقوة.
قال هنا: (كالخشب للسرير فإنه سرير بالقوة، فإن انضم إلى ذلك التأليف المخصوص وهو الجزء الصوري حصل ذلك الشيء بالفعل، والمراد بالقوة الاستعداد للحصول بالفعل).
إذاً: الاقتراني ذُكرت .. هكذا بعبارة مخالفة لِما ذكره المصنف: (الاقتراني دل على النتيجة بالقوة لا بالفعل).