إذاً: قسَّمها كالتقسيم السابق، فلا فرق بين الحملية والشرطية في هذا التقسيم، وإنما الأمثلة تختلف، والمعاني كذلك تختلف.
قال: (إن كان) هذا شروعٌ في التقسيم (إن كان على وضعٍ معيَّن).
(وضع) قال: أي زمن أو حال.
(معيَّن نحو) قدَّر هنا مثالاً آخر: (إن كان زيدٌ منتصباً للشمس وقت الضحى كان له ظلٌ ممتدٌ إلى المغرب).
(إن كان زيدٌ منتصباً للشمس) يعني: واقف للشمس وقت الضحى، قيَّده هنا بوقتٍ معيَّن وقت الضحى لا الظهر ولا الصباح مثلاً يعني: قبل الضحى.
(كان له ظلٌ ممتدٌ إلى المغرب).
قال: (فقد حُكم بلزوم الظل إلى المغرب لانتصابه لها في وقت معيَّن).
هذا المراد بماذا؟ إن كان على وضعٍ معيّن إما زمن وإما حال.
الزمن تقييدُه بوقت معيّن وقت الضحى مثلاً وقت الظهيرة، أو بحالٍ معيَّن كأن يكون متكئاً أو نائماً أو آكلاً أو شارباً، هذا يسمى حالاً معيَّناً لا مطلقاً.
قال: (إن كان على وضعٍ معيَّن) وضعٍ يعني: زمن أو حال.
معيَّن يعني: خاص.
قال هنا: (نحو: إن جئتني الآن أكرمتُك) هنا فيه اتصال، الإكرام متوقفٌ على المجيء، لكن قيَّده بالآن فهو على وضعٍ معيَّن لا مطلقاً، لو قال له: إن جئتني أكرمتك فأطلق، أو قال في أي وقتٍ حينئذٍ صارت عامة.
(إن جئتني الآن أكرمتُك) فقد حُكِم بلزوم الإكرام لمجيئه مقيَّداً بوقت معين وهو الآن.
(وزيدٌ الآن إما كاتبٌ أو غير كاتب) أراد أن يمثِّل للمتصلة والمنفصلة، الأُولى للمتصلة والثانية للمنفصلة.
(زيدٌ الآن) قيَّده بوقت معيَّن.
(إما كاتبٌ أو غيرُ كاتب) فقد حَكم فيها بالعناد بين المقدَّم والتالي مقيَّداً بالآن.
(فمخصوصةٌ) ما إعراب مخصوصة؟ فهي مخصوصة يعني: خبر مبتدأ محذوف، والفاء هذه واقعة في جواب الشرط.
(إما) لأنها مضمَّنة الشرط.
(إما كاتبٌ أو غيرُ كاتب فمخصوصة) فهي مخصوصة.
(إن كان على وضعٍ معيَّن) فهي مخصوصة. إن كان الشرط هذا.
(فمخصوصة) يعني: فهي مخصوصة أي: وشخصيةٌ أيضاً.
هذا إن كان على بعض الأوضاع.
(أو) هذا للتنويع .. النوع الثاني.
(على جميع الأوضاع الممكنة) (أي: التي يمكن اجتماعُها مع المقدَّم) ولم يذكر الشارح هذا القيد، لا بد من ذكره؛ لأنه ليس كل حالٍ أو وضعٍ يمكن اجتماعه مع المقدَّم، لكن الذي يُفترض اجتماعُه.
قال: (أو على جميع الأوضاع الممكنة) أي: التي يمكن اجتماعُه مع المقدم.
أي: الأحوال الحاصلة للمقدم بسبب اجتماعه مع الأمور الممكنة، فإذا قلنا: كلما كان زيدٌ إنساناً فهو حيوان.
صادقة أو لا؟ صادقة، أطلقَها (كلما كان زيدٌ إنساناً فهو حيوان) فقد حكَمْنا بلزوم كون زيد حيواناً وهو التالي لكونه إنساناً وهو المقدَّم مع كل وضعٍ من أوضاع زيدٌ، ككونِه قائماً أو قاعداً أو مضطجعاً، على أيمن أو أيسر، أو على ظهره أو بطنه، نائماً أو يقظان، آكلاً أو .. جميع الأحوال لا ينفك عن كونه حيواناً .. في جميع الأحوال: قائماً نائماً، كل زيد يعتبر إنساناً أو حيواناً، لا ينفك عنه، هذا يسمى جميع الأوضاع الممكنة.
غير الممكنة: لو قدَّرت افتراضاً -كما سيذكره الشارح- فحينئذٍ يكون خارجاً عن المذكور، لكن الغالب أنه يكون في الأشياء الممكنة .. الأصل في إطلاق اللفظ على الممكن.