زيدٌ كاتبٌ، زيدٌ هذا وجودي، وكاتبٌ هذا وجودي؛ لأن القسمة أربعة: وجودي على وجودي .. أثبتَّ أمراً وجودياً لأمرٍ وجودي، عدمياً لعدمي، عدمي لوجودي، بالعكس: وجودي لعدمي.
المحصَّلة أمرٌ وجودي لوجودي، الثلاثة الأنواع الأُخرى هي المعدولة.
قال: (والموجَبة إما محصَّلةٌ وهي الوجودية أي: التي حُكِم فيها بموجودٍ على موجود) المحمول يكون موجوداً لا عدمياً، والموضع يكون موجوداً لا عدمياً نحو: زيدٌ كاتب.
(أو) النوع الثاني للموجبة المقابل للمحصَّلة (أو معدولة وهي ما ليست كذلك) يعني: ليست كالوجودية في الحكم بوجودي على وجودي.
(بأن حُكم فيها) يعني: في المعدولة.
(بعدميٍ على عدمي) هذه صورة.
(أو عدمي على وجودي) هذه صورة ثانية.
(أو بوجودي على عدم) هذه صورة ثالثة، فالقسمة رباعية: وجودي على وجودي هذه تسمى محصَّلة، ما عداها -الأقسام الثلاثة- تسمى معدولة.
(وسُمّيت معدولة؛ لأن حرف السلب عُدل به عن مدلوله الأصلي) وهو السلبُ، مناسب سلبُ النسبة الحُكمية يعني: الأصل أداة السلب هو سلبُ النسبة.
إذا دخلتْ الآن عندما نقول: القضية إما موجَبة وإما سالبة.
الموجبة هذا وصفٌ للنسبة، والسالبة سلبٌ للنسبة. إذاً: لا للموضوع ولا للمحمول، وإنما للنسبة.
الوجودية المحصَّلة -وجودي على وجودي- على أصلها يعني: الثبوت، وهنا دخل حرف السلب: إما أن يكون دخل على الموضوع فقط، أو على المحمول فقط، أو عليهما معاً. حينئذٍ حصل عدْلٌ ((ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ)) [الأنعام:1] يعني: انحراف، عدلٌ يعني: عدمُ وضع الشيء في موضعه.
فالأصل دخول حرف السلب على النسبة، وهنا لم يدخل على النسبة وإنما دخل على غيره، وهذا معنى العدول.
ولذلك قال: (سُمَّيت معدولة لأن حرف السلب عُدِل به عن أصل مدلوله) يعني: عن مدلول أصله، [إضافة ما كان صفةً وإقامةُ المصدر مقام الصفة، والأصل: مدلولِه الأصلي]. وهو السلب .. ليس السلب، هو لم يُعدَل عن السلب فيصير إثباتاً لا، إنما عُدل عن سلب النسبة.
ولذلك المناسب كما قال المحشي: سلبُ النسبة الحكمية، وإلا فما زال السلب موجوداً .. حرف السلب مستعمل في معناه، لكن عدَلْتَ به من دخوله على النسبة إلى دخوله إلى الموضوع أو المحمول أو هما معاً، فهو باقٍ على أصله.
فقوله: (عُدِل به عن أصل مدلوله وهو السلب) قد يظن الظان بأنه انتقل من السلب إلى شيءٍ آخر لا، وإنما عن سلب النسبة، إلا إذا قيل: بأن أل هنا للعهد الذهني.
(وجُعل حُكمُه -أي: حرفُ السلب- حُكمَ ما بعده. أي: سواءً كان محمولاً أو موضوعاً).
(حُكم ما بعده) لو قال: "حكم غيرِه" شمل الموضوع والمحمول أو لى، لكن (ما بعده) هذا فيه تقييد، وإن كان المحشِّي حاول أن يعمم.
(أي: سواءً كان محمولاً أو موضوعاً.
(والمراد مِن جعلِ حُكمِهِ حُكمَ ما بعده تركيبُه معهُ، وجعلُ مجموعِهما محمولاً أو موضوعاً).
حينئذٍ حرفُ السلب يدخل على الموضوع فيكون جزءاً من الموضوع، ويدخل على المحمول فيكون جزءاً من الموضوع، فتقول: الموضوع لا جماد، أو المحمول لا إنسان. حينئذٍ تُدخِل أل على الموضوع أو المحمول فيكون جزءاً منه فتركَّبَ منهما.