(ويرِد قولنا: إن كانت الشمس طالعةً فالنهار موجودٌ، فإن طرفيها مفردان بالقوة؛ لأنه يمكن أن يقال: هذا لازمٌ لذاك) مثل: زيدٌ عالمٌ نقيض زيدٌ ليس بعالم، هذا نقيض هذا.
طيب. هذا لازمٌ لذاك؟ طلوع الشمس لازمٌ للنهار، إذاً: هذا لازمٌ لذاك.
إذاً: انحل إلى مفردين فصارت حملية، يرِد الاعتراض.
لكن يرِد الاعتراض هنا لأنه ما زاد التعليق في الحملية، وإلا يرد الاعتراض، لأنه ما زاد ذاك، ذاك من كلام الشيخ الأمين رحمه الله تعالى.
(هذا لازمٌ لذاك.
وكذلك قولنا: إما أن يكون العدد زوجاً أو فردا، فإن طرفيها مفردان كذلك؛ لأنه يمكن أن يُعبَّر عنهما بمفردين يقال: هذا مباينٌ لذاك).
قال الرازي "الجواب": والأَولى أن يقال: المحكومُ عليه وبه في القضية إن كان مفردين سُمّيت حملية وإلا فشرطية.
يعني: مثل ما قيل هناك في العرَضي والذاتي: ما كان خارجاً هو العرضي، والذاتي ما ليس كذلك، من أجل أن نبرأ من إخراج النوعي عن الذاتي، هنا كذلك.
قال: إن كان مفردين سُمّيت حملية وإلا فشرطية.
إن كان مفردين بالفعل في ظاهرها، حينئذٍ هي الحملية وإلا فشرطية.
قال السعد في الحملية: لم تنحل إلى شيئين يُمكن أن يُعبَّر عنهما بلفظين مفردين حال كونهما محكوماً عليه ومحكوماً به. هذا جوابٌ وجيه أيضاً.
بمعنى: قولُك: هذا نقيض هذا، ليس بحثنا في هذه الجملة .. هذا نقيض هذا جملة، نحن بحثنا في زيدٌ عالمٌ نقيض .. هذا ما انحلّت، هذه نلفظها كما هي، هي حملية أو لا؟ حملية، كونك تأتي بمفسِّر لها أو بمساوي خرجت عن اللفظ.
إذا قلت: زيدٌ عالمٌ نقيض زيدٌ ليس بعالم. هذه حملية، تنحل؟ نعم تنحل.
إذا قلت: هذا نقيض هذا، هاتان جملتان وليست بجملة واحدة.
فقال السعد هنا: لم تنحل إلى شيئين يُمكن أن يُعبَّر عنهما بلفظين مفردين حال كونهما محكوماً عليه ومحكوماً به.
وهذا بخلاف الشرطية فإنها لا يصح فيها أن هذا ذاك، والتعبير عن طرفيها بالمقدَّم والتالي لا يصح عنه إفادة الحكم باللزوم والعناد، فهي لا تنحل بطرفيها إلى شيئين يمكن التعبير عنهما بلفظين مفردين عند قصد إفادة الحكم الذي في الشرطية.
لو ذُكِر مسألة التعليق لانحلت المشكلة، لكن لما لم يَذكر مسألة التعليق وقع عندهم الإشكال هذا؛ لأنه بالفعل تساوى، الحملية قد يُفسَّر المفرد بالقوة، وهنا كذلك وُجد التفسير بالقوة. فحينئذٍ كيف الإشكال؟
كلٌ منهما إن فُسِّر فهو مباينٌ لما سبق، والبحث إنما يكون في الأصل لا في الفرع، لكن نقول كما ذكرنا سابقاً: أن الفرق الجوهري هو في التعليق وعدمه.
وأما الانحلال فهذه مسألة يمكن النظر فيها، فكلٌ منهما يمكن أن يقال: هذا لازمٌ لذاك، هذا مباينٌ لذاك .. لكن تساوى مع الحملية: هذا نقيض هذا، هذا .. إلى آخره.
قال هنا: (وبُحِث فيه بأن طرفي الشرطية مفردان بالقوة؛ إذ يمكن في محل المتصلة هذا ملزومٌ لهذا، وفي محل المنفصلة هذا منافٍ لهذا، فالأولى أن يقال: القضية) هذا توجيه آخر وهو جيد أيضاً.
(إن كان مضمونها) القضية (ثبوت شيءٍ لشيء أو سلبه عنه فحملية، وإن كان معناها ملازمة شيءٍ لشيء أو سلبُها فمتصلة) هذا أحسن مما أجاب به السعد والرازي.