على القول بأنه من المطالب التصورية، هل التعريف اللفظي يُعتبر نقضاً هنا؟ نعم؛ لأن الحد التام والناقص، والرسم التام والناقص. هذا من قبيل التصورات أم التصديقات؟ التصورات.
وإذا زدنا التعريف اللفظي بأنه من التصورات صار نقضاً .. نُسلِّم، وإذا قيل بأنه من التصديقات هل يُعتبر نقضاً؟ لا؛ لأن بحثنا في التصورات.
إذاً: يقول: (هذا نقضٌ للحصر السابق، لكنه) استدراك (مبنيٌ على أن التعريف اللفظي من المطالب التصورية، وهو ما اختاره السعد).
(وحقق السيد: أنه من المطالب التصديقية) وليس من المطالب التصورية، وعليه: ظاهر صنيع الشارح هنا أنه يرى ما يراه السيد، وهو أنه من المطالب التصديقية، فحينئذٍ لا يُعتبر نقضاً وإلا كيف يقول: (ودليل حصره في الأربعة) ثم يقول: (وبقي خامسٌ)؟ هذا تعارض .. تناقض هذا.
حينئذٍ نقول: لا. هو يميل بظاهر كلامه بدليل حصَرَ التعريف الأقسام في الأربعة، ثم قال: (وبقي خامس) ثم أشار إلى أنه يرى أنه من التصديقات لا من التصورات.
قال: (وحقق السيد: أنه من المطالب التصديقية؛ فإنه قال: المقصود منه) يعني: التعريف اللفظي.
(الإشارةُ إلى صورة حاصلة، وتعيينُها من بين الصور الحاصلة).
صورة حاصلة: البُر القمح، والقمح البر. أشار إلى صورة حاصلة يعني: موجودة، وتعيينُها عن غيرها.
(ليُعلم أن اللفظ المذكور موضوعٌ بإزاء الصورة المشار إليها، فمآلُه إلى التصديق والحُكم بأن هذا اللفظَ موضوعٌ بإزاء ذلك المعنى.
فلذلك كان قابلاً للمنع، فيُحتاج إلى النقل من أصحاب اللغة والاصطلاح).
وهذا وإن كان فيه شيءٌ من التكلُّف والتعسف، لكنه محتمِل؛ لأنه قال: مثلاً –كالمثال- (العُقارُ الخمر) لو سُئل ما العُقَار؟ قال: الخمر.
إذاً: ماذا يُستفاد؟
يستفاد بأن العُقار هذا اللفظُ وُضع بإزاء المعنى الذي وُضع له الخمر، هذا فيه حُكمٌ، لكن هل هو من المقاصد، هل هو من المطالب؟
من رأى أنه من المطالب يُسلَّم بأن هذا الكلام في محله، ومن رأى أنه ليس من المطالب -المقاصد- التي يُعتنى بها حينئذٍ قد يقال فيه شيءٌ من التعسف، فجعْلُه من التصورات أقرب من جعلِه من التصديقات؛ لأنه إنما يكون من التصديقات على وجه التكلّف، بأن هذا اللفظ وضع بإزاء هذا المعنى. طيب جميع الألفاظ وضعت بإزاء المعاني، هل هناك لفظٌ لم يوضع بإزاء معنى؟ ما الفائدة؟ وإنما تكشِف هذا اللفظ الذي هو العُقار بأنك ما تدري ما هو، تكشفه بما دل عليه لفظ الخمر.
حينئذٍ هما مصدقهُما واحد: العُقار الخمر، والخمر هو العُقار، فجهِل العُقار حينئذٍ فسَّره بالخمر، إذاً: ليس مراداً ابتداءً بأن هذا اللفظ وُضع لهذا المعنى، وإنما هذا اللفظ مرادف لهذا اللفظ.
ثم إذا حَكم بأنهما مرادفان لا شك أنه عنده سيكون انتقال من كون هذا اللفظ وُضع بإزاء ذلك المعنى. على كلٍ المعنى محتمِل.
قال هنا: (وفي كلام الشارح ما يقتضي الميل لكلام السيد؛ حيث قال: وهو ما أنبأ؛ إذ الإِنباء الإخبار، ولا يكون إلا في التصديقات).
"الإخبار" لا بد من محمول وموضوع، ففيه إيماء لعدم وُروده على الحصر.
إذاً: الشاهد من هذا: أن قول المصنف: (ودليلُ حصرِه في الأربعة) ليس منتقضاً بقوله: (بقي خامسٌ) لماذا؟