(ولا حاجة لقوله: فَقَطْ) بُحِث فيه بأن الجنس والعرَض العام يُقالان عَلَى مَا تَحْتَ حَقِيقَةٍ وَاحِدَةٍ، وعلى ما تحت حقائق نحو: زيدٌ وعمروٌ حيوان أو ماشيان، ونحو: الإنسان والفرس حيوان أو ماشيان. فأخرَجَهُما ماشيان فهما داخلان في قولِه: تُقالُ على ما تحت حصة واحدة، فأخرَهما بقوله: فقط.

فيكون حينئذٍ قوله: فقط هو الفصل بالحقيقة.

(ولا حاجة إلى قوله: فَقَطْ. بعد وَاحِدَةٍ) لأنه قال: (وَاحِدَةٍ) فدل على قوله: فقط، لكنه من باب التأكيد: لا غير فقط، فقط هو مدلول لا غير، ولا غير هو مدلول فقط. إذاً: لا حاجة لقوله: فقط؛ لأنه خرج بواحدة، لكنه قد يقال من باب التوكيد، لكن التوكيد لا يدخل في الحدود .. يكون من باب الحشو.

قال: (والخاصة قد تكون للجنس كاللون للجسم، وقد تكون للنوع كالضاحك للإنسان، وكلُّ خاصةٍ لنوعٍ خاصةٌ لجنسه ولا ينعكس).

(الخاصة) قال في الحاشية: قد تكون للجنس لما قدَّم المصنف أن الخاصة مختصّة بحقيقة واحدة "يعني: حقيقة الحيوان مثلاً" وكان ظاهرُه أنها لا تكون للجنس، أفاد الشارح أنها تكون له أيضاً، فهذا في قوة الاستدراك على كلام المتن برفع ما أوهمه ظاهرُه وبيان أن مراده بالحقيقة ما يشمل النوعية والجنسية.

لأنا قلنا الحقيقة لو المراد بها النوعية فقط، هذا يهِم؛ لأن المراد بالحقيقة تمام الماهيّة، المراد بالحقيقة أكثر ما يُستعمل مراداً به النوع.

فحينئذٍ (مَا تَحْتَ حَقِيقَةٍ وَاحِدَةٍ) قد يوهِم بأن الخاصة إنما تكون للنوع فقط لا للجنس. وليس مراداً.

ولذلك كشف الشارح أو دفَع هذا الوهَم: بأن ظاهر المتن إنما هو خاصٌ بأن الخاصة إنما تكون وصفاً للنوع فقط دون الجنس، هو الشارح بيَّن أن الخاصة قد تكون للجنس وقد تكون للنوع.

يعني: يأتي بعرَضٍ يختص به الجنس، أو يأتي بعرَضٍ يختص به النوع. هذا واردٌ وهذا وارد، لكن الحد في ظاهره أنه خاصٌ بالنوع.

ولذلك قال: (والخاصةُ قد تكون للجنس كاللون للجسم) المراد بالجسم هنا الجسم الكثيف فإنه المُلوَّن لا الشَّفَّاف، هكذا قال العطار: المراد بالجسم هنا الجسم الكثيف فإنه الملون لا الشفاف.

(وقد تكون للنوع كالضاحك للإنسان) الضاحك هذه خاصة للإنسان وهو نوعٌ تحته أفراد.

اللون تكون للجسم، هو الذي يقبل، أما غير الجسم فلا يقبل اللون.

إذاً: هذه الخاصة صارت خاصة لجنسٍ.

(وكل خاصة لنوعٍ خاصةٌ لجنسه) يستلزمه؛ لأن النوع داخلٌ تحت الجنس، فإذا اختص النوع بخاصة لزِم أن يكون الجنس كذلك.

(ولا ينعكس) أي: عكساً لغوياً بأن يقال: كل خاصة لجنسٍ خاصةٌ لنوعه لبطلانه؛ فإن المتنفِّس مثلاً خاصة للحيوان وليس خاصةً للإنسان.

كل ما كان خاصةً لنوعٍ فهو خاص لجنسه، وقد يقال بأن المصنف هنا لهذه القاعدة ما أشار للجنس.

ظاهر كلام المصنف قلنا: (مَا تَحْتَ حَقِيقَةٍ وَاحِدَةٍ) يعني: النوع.

إذاً: إذا كان كل خاصة لنوعٍ فهي خاصةٌ لجنسه، لا يحتاج التنصيص على أنه للجنس، قلنا فيما سبق: قال المصنف هناك: (وقد تكون للجنس) يعني: الخاصة (كاللون للجسم) لأن ظاهر تعبيره - (مَا تَحْتَ حَقِيقَةٍ وَاحِدَةٍ) - ظاهرُ تعبيره: أن الخاصة خاصةٌ بالنوع. فوَرَد عليه إيهام أن الجنس كذلك تكون له خاصة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015