يعني: لو درست علم المنطق أو درست المجاز وفهمته على وجهه ثم قلت: لا مجاز لا إشكال فيه، لكن لا تقل: لا مجاز وأنت ما تعرف المجاز من الحقيقة، وإنما تقلِّد غيرك. تقول: لا. قل: أنا مقلّدٌ.
وأما إذا أردت أن تحكم حكماً ابتدائياً يعني: منشَأً من عندك، فلا بد أن تعلم أولاً ما هو المجاز وتدرسه، ما تأخذ التعريف فقط لا، تعرف أنواع المجاز المرسل والاستعارة المكنية، وتجرب وتمارس .. إلى آخره، وتتلذذ بالآيات الواردة فيها، ثم بعد ذلك إذا ما طابت نفسك لهذا القول تقول: لا مجاز، ولا إشكال فيه والمسألة خلافية.
وأما ابتداءً هكذا تقول: لا مجاز. نقول: لا. وإنما تكون مقلِّداً.
المنطق كذلك دراستُه يزهِّد بعض الناس نقول: هذا إن كان عن علمٍ بالفن لا إشكال فيه، الخلاف معه لفظيٌ، وأما إن كان عن جهلٍ بالعلم وإنما قلَّد غيره، فهذا لا يُلتفت إليه.
إيساغوجي -الذي معنا في المنطق- متن إيساغوجي في المنطق يرجع هذا الاسم على شهرة هذا الكتاب ومكانته عند أهل العلم؛ لذلك كثرت شروحه وحواشيه.
يرجع هذا الاسم إلى منطقيٍ إغريقي قيل اسمه: فرفريوس. من أهالي مدينة صُوْر الساحلية الواقعة في جنوب لبنان. يعني: قبل الميلاد.
قيل: توفي سنة 233هـ ألَّف كتاباً اسمه إيساغوجي .. إيساغوجي بهذا الاسم، وهي كلمة يونانية تعني الكليات الخمس: جنس، فصل، عرَضٌ، نوعٌ، وخاص.
وَالكُلِّيَّاتُ خَمْسَةٌ دُونَ انْتِقاصْ ... جِنْسٌ وَفَصْلٌ عَرَضٌ نَوْعٌ وَخاصْ
هذه إيساغوجي معناها الكليات الخمس؛ لأن بحث المنطق في الكليات .. المنطق كله من أوله إلى آخره مختصر في الكليات، وهذه الكليات ليست مطلقاً لأنها عقلية كما سيأتي، وإنما من حيث الإيصال إلى مجهول تصوري أو مجهول تصديقي.
إذاً: إيساغُوجي: هي كلمة يونانية في الأصل معناها -على المشهور-: الكليات الخمس وقيل غير ذلك، قيل: مقدِّمة المنطق، وقيل: المدخل إلى العلم، وقيل غير ذلك كما سيأتي في الشرح.
وقيل: إن كتاب فرفريوس هذا نقلَه إلى العربية أبو عثمان الدمشقي.
إذاً: القول الأول أن الكتاب لصاحبه.
والقول الثاني: قيل: إن كتاب فرفريوس هذا نقله إلى العربية أبو عثمان الدمشقي في القرن التاسع الميلادي، ثم اختصره جماعةٌ واشتهر منهم: اختصارُ أثير الدين الأبهري -صاحبنا هذا.
إذاً: هل هو كتاب مرتجَل ابتداءً أم أنه مختصرٌ من غيره؟ فيه قولان.
واشتهر منهم اختصارُ أثير الدين الأبهري، وقيل: هما كتابان متغايران. فكتاب الأبهري غير كتاب فرفريوس اليوناني.
وهذا أو ذاك نحن لا نلتزم بتحقيق هذه المسائل، أصحاب المصنفات والكتب إلى آخره، الأسماء .. متى مات .. متى وُلد؟
نقول: هذه لا تعني طلاب العلم بالاشتغال بها، وإنما النظر في الكتاب نفسه، ولو كان صاحبه مجهولاً غير معروف.
كتاب المقصود هذا في الصرف، هذا من أنفَس ما كُتب للمبتدئين، هو أولى الاشتغال به من اللامية لابن مالك رحمه الله تعالى، لكن صاحبه غير معروف.