بقرينة كون الكلام في النوع الحقيقي، لكن الأَولى ما ليس تحته نوعٌ، لِصِدْق كلامه بالجنس السافل وليس نوعاً حقيقياً.
قال: (كالإنسان فبينهما عمومٌ وخصوصٌ من وجهٍ).
(بينهما) يعني: بين النوع الإضافي والنوع الحقيقي.
(عمومٌ وخصوصٌ من وجه) قلنا: هذا النوع يحتاج إلى ثلاث مواد: مادة الاجتماع، ومادة انفراد كل واحد منهما عن الآخر .. ثلاث مواد.
العموم والخصوص الوجهي يحتاج إلى مادة الاجتماع يعني: مثال يجتمعان فيه.
ومثال ينفرد أحدُهما عن الآخر.
ومثال ثالث ينفرد الآخر عن السابق. هذا الذي يحتاج.
قال: (فيجتمعان في نحو الإنسان) فالإنسان نوعٌ إضافي ونوعٌ حقيقي، ليس في وقتٍ واحد وإنما باعتبارين.
(فإنه نوعٌ إضافي لاندراجِه تحت جنسٍ وهو الحيوان) وهو كذلك.
(وحقيقي إذ ليس تحته جنسٌ) حينئذٍ اجتمع النوع الإضافي والنوع الحقيقي في الإنسان.
أولاً: كونُه إضافياً لاِندراجه تحته جنس وهو الحيوان.
كونُه حقيقياً ليس تحته جنسٌ.
قال: (وينفرد الإضافي بنحو الجسم النامي، فإن فوقه جنس وهو الجسم المطلق، وتحته جنس وهو الحيوان) فوقه جنس وتحته جنس.
إذاً: هو باعتبار ما فوقه يعتبر نوعاً، وباعتبار ما تحته يعتبر جنساً. هذا المراد.
(وينفرد الحقيقي بالماهية البسيطة كالعقل المطلق عند الحكماء على القول بنفي جنسيةِ الجوهر).
يعني: إذا قيل: الجوهر ليس هو بجنس الأجناس قالوا -على قولٍ-: العقل المطلق. يعني: غير المقيَّد، والعقول عندهم عشرة.
قال هنا: (وينفرد الحقيقي بالماهية البسيطة كالعقل المطلقِ عند الحكماء على القول بنفي جنسية الجوهر.
وأما على القول بأن الجوهر جنس له فلا ينفرد فيه النوع الحقيقي؛ لاندراجه تحت جنسٍ فهو إضافيٌ أيضاً).
قال هنا العطار: على القول بنفي جنسيةِ الجوهر وإلا لم يكن ماهيّةً بسيطة.
أي: وعلى اعتبار أن العقول العشرةَ أفرادٌ لا أنواعٌ، وإلا لكان نوعاً إضافياً أيضاً.
ثُم لا تنافي بين التمثيل بالعقل للجنس المنفرد وللنوع الحقيقي.
الجنس المنفرد فيما سبق، على قولٍ يعني.
مر معنا أن المنفرد لا مثال له .. على ما اختاره المصنف هنا ليس له مثال، لكن مثّل بعضهم بالعقل.
وللنوع الحقيقي الذي ليس فوقه جنس؛ لأن هذه أمورٌ فرضية. يعني: أمورٌ اعتبارية ذهنية.
قد يتصور البعض الفوقية والتحتية ولا يتصورها الآخر، فحينئذٍ لا مشاحَّة في هذه المسائل.
قال رحمه الله: (وَإِمَّا غَيْرُ مَقُولٍ).
(إِمَّا مَقُول) (وَإِمَّا غَيْرُ مَقُولٍ) تقابلا.
(وَإِمَّا غَيْرُ مَقُولٍ فِي جَوَابِ مَا هُوَ بَلْ مَقُولٌ فِي جَوَابِ أَيُ شَيْءٍ هُوَ فِي ذَاتِهِ).
أي: حقيقتِه، والجار "في ذاتِه" حال من هو.
(أَيُ شَيْءٍ هُوَ فِي ذَاتِهِ) كيف إعراب (فِي ذَاتِهِ)؟ جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من قوله: (هُوَ).
على التأويل أو بدونه، على الخلاف في وقوع الحال عن المبتدأ (أَيُّ شَيْءٍ هُوَ فِي ذَاتِهِ).
قال هنا: (وَإِمَّا غَيْرُ مَقُولٍ فِي جَوَابِ مَا هُوَ بَلْ مَقُولٌ فِي جَوَابِ أَيُّ شَيْءٍ هُوَ) يعني: لا يريد النفي أنه لا يُحمل لا، يُحمَل وإنما يُحمل في غير جواب ما هو، بل في جواب آخر وهو (أَيُّ شَيْءٍ هُوَ).