بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أَمَّا بَعْدُ:
عرفنا فيما مضى أن المصنف رحمه الله تعالى قسَّم المفرد إلى كُلّي وجزئي، هذا بالنظر إلى معناه.
وعرفنا أن المراد بالمفرد بعض أنواع الاسم، وهو ما اتحد معناه احترازاً مما تعدد معناه.
(إِمَّا كُلِّىٌّ) وعرَّفه.
(وَإِمَّا جُزْئِيٌ) وعرَّفه.
ثم قسَّم الكلِّي قبل تعريف الجزئي باعتبار وجود أفراده في الخارج أو عدمِها إلى ستة أنواع، ثم قسّمه باعتبار استواء أفراده في معناه إلى نوعين: متواطئ ومشكِّك.
ثم قسَّم الكلِّي تقسيماً آخر هو ألصق بالكُلِّيّات الخمس. قال: (إِمَّا ذَاتِيٌّ، وَإِمَّا عَرَضِيٌّ).
(إِمَّا ذَاتِيٌّ) وعرَّفه بأنه (الَّذِي يَدْخُلُ فِي حَقِيقَةِ جُزْئِيَّاتِهِ).
هنا اختص بالجنس والفصل، وهو الذي يدخل في حقيقة الجنس.
(وَإِمَّا عَرَضِيٌّ: وَهُوَ الَّذِي يُخَالِفُهُ) أي: لا يدخل في حقيقة جزئياته، وهذا إذا دخل فيه الخاصة والعرض العام.
بقي النوع، قلنا فيه ثلاثة مذاهب: ذاتي فقط، عرضي فقط، لا عرضي ولا ذاتي. والثالث هذا هو الأنسب.
والخلاف هنا خلافٌ ليس له أثر، يعني الخلاف في الاصطلاح فقط: هل يسمى النوع ذاتياً أو عرضياً؟ ولذلك المصنف أخرَجه ثم أدخَلَه.
يعني: استخدم الاصطلاحين، جعَلَه من العرضي، ولذلك قال: (وعلى هذا فالماهية عرضية) الماهيّة يقصد بها النوع.
وفي موضعٍ جعلَه ذاتياً.
ثم قال: (وَالذَّاتيُّ) أراد أن يبيّن الكُلِّيّات الخمس وهي محصورة في هذا العدد وعرَفنا كيفية الحصر.
قال: (وَالذَّاتيُّ: إِمَا مَقُولٌ فِي جَوَابِ مَا هُوَ بِحَسَبِ الشَّرِكَةِ المَحْضَةِ).
عرفنا أن المحضة المراد بها: الخالصة من شائبة الخصوصية، كما في النوع المقابل له (مَقُولٌ) أي: محمولٌ، ولا يُشترط أن يكون بالفعل وإنما المراد به محمولٌ بالقوة.
(فِي جَوَابِ مَا هُوَ) قلنا السؤال في المنْطِق هنا محصورٌ في أداتين وهما: "ما وأيُّ".
"ما" قلنا يُسأل بها عن أربع: واحد كُلّي، واحد جزئي، كثيرٌ متفِّق الحقائق، كثيرٌ مختلِف الحقائق.
"واحدٌ كُلِّي" يجاب بماذا؟ مثل: ما الإنسان؟
قلنا: الجواب محصور في ثلاثة: إما بالحد، وإما بالنوع، وإما بالجنس.
فالأول -الذي هو الواحد الكلِّي- ما الإنسان؟ يجاب بالحد.
والثاني -الذي هو واحد جزئي-: ما زيدٌ؟ يجاب بالنوع.
والثالث: كثيرٌ متحد الحقائق نحو: ما زيدٌ وعمروٌ وبكرٌ؟ أو ما زيدٌ، وما بكرٌ، وما عمرو؟ يجاب بالنوع؛ لأنه متفق الحقائق.
الرابع: أن يكون كثيراً مختلف الحقائق كقولك: ما الإنسان والفرس والبغل .. ونحوها؟ هذه مختلفة الحقائق، يجاب بالجنس.
إذاً: في اثنين يجاب بالنوع، وفي واحدٍ بالجنس، وواحدٍ يجاب بالحد.
وعرَّفه (بِأَنَّهُ كُلِّىٌّ مَقُولٌ عَلَى كَثِيرِينَ مُخْتَلفِين بِالحقائِقِ فِي جَوَابِ مَا هُوَ) عرفنا ما يتعلق بهذا الحد على جهة التفصيل.
ثم قسَّمه إلى أربعة أقسام: