ولذلك المفرد يختلف في باب الإعراب، في باب المبتدأ والخبر، في باب خبر لا .. إلى آخره.
وأما المفرد هنا فله اصطلاحان متعددان مختلفان، هناك في باب التصورات والتصديقات له اصطلاحٌ خاص، فالمفرد كل ما ليس بإسنادٍ خبري تام، فدخل فيه المركبات بسائر أنواعها ما عدا هذا النوع، وهنا دخل المركب الإضافي والتوصيفي في النوع الثاني وهو المركب وليس بمفردٍ.
إذاً: إما مفرد وإما مركب، هو عبّر بالتأليف بناءً على أنه لا فرق بين التأليف والتركيب وهو الصحيح، وما ذكره المصنف من التفرقة هذه أمور مستطردة "الأمر استطرادي"، فلا يُشكل عليكم ضبطُها أمرها يسير إن شاء الله تعالى.
قسَّم بعد ذلك المفرد إلى نوعين: إلى كُلّي وجزئي.
(المُفْرَدُ: إِمَّا كُلِّىٌّ، وَإِمَّا جُزْئِيٌ) قلنا أيّ مفرد هذا؟ قلنا: المفرد أنواع .. المفرد عند النحاة: اسمٌ وفعلٌ وحرف، وهنا اسمٌ وكلمة وأداة.
ماذا أراد هنا بالمفرد؟ بعض الاسم. إذاً: لا الفعل لأن الفعل كُلّي على المشهور؛ لأنه يقع محمول يعني: يُخبَر به، ولا يُخبَر إلا بالكُلّيّة، لذلك حكموا في الغالب .. يحكمون "دون التفصيل الذي ذكره العطار بالأمس" يحكُمُون بأن الفعل كُلّيٌ مطلقاً؛ لأنه يقع محمولاً، عندنا موضوع ومحمول يعني: يُخبَر به، ولا يُحمَل إلا كُلّيٌ.
إذاً: الفعل صار كلياً.
والحرف ثلاثة أقوال: كُلّيٌ باعتبار أصل وضعِه لصلاحية استعمالِه في كل تركيب.
ثانياً: جزئيٌ مطلقاً؛ لكونه لا يُستعمل إلا في معيَّن.
ثالثاً: التفصيل. كُلّيٌ وضْعاً، جزئيٌ استعمالاً.
إذاً: خرَج الحرف والفعل.
بقي الاسم، قلنا الاسم على نوعين: ما اتحد معناه، ما تعدد معناه.
اتحد معناه كإنسان ورجل، وأنثى وامرأة .. إلى آخره، المعنى واحد: الإنسانية التي في زيد هي عينُها التي في عمرو.
النوع الثاني: ما تعدَّد معناه ولو اتحد لفظه، هذا يسمى المشترَك اللفظي، المشترك عندنا نوعان: مشترك معنوي، واشتراكٌ لفظي.
هذا يسمى المشترك اللفظ وهو: ما تعدد معناه واتحد لفظُه. والوضع كذلك متعدد.
فحينئذٍ عين هذا مشترك يُطلق على الذهب، والعين الباصرة، والفضة، والشمس .. عدَّها إلى ثلاثين والله أعلم، بل جوَّز بعضهم كل جامدٍ يجوز أن يقال بأنه عين، حينئذٍ ليس له نهاية.
فإذا كان كذلك فاللفظ واحد: هذا عين، هذا عين، هذا عين.
والأسماء المسمَّيات، الأسماء عين.
المسمى مختلف متعدد، فهذا مسمى مختلف في الحقيقة عن هذا وهكذا.
فحينئذٍ نقول: هذا لا ينقسم إلى كُلّي وجزئي، وإنما الذي ينقسم: ما اتحد معناه.
إذاً: ليس كل اسمٍ يتنوّع إلى الكلِّي والجزئي وإنما بعضُه، ولذلك نقول: المفرد وإن أطلقه المصنف هنا فنحمله على بعض أنواع الاسم وهو ما اتحد معناه، وأما ما تعدد معناه فلا ينقسم إلى كُلّي وجزئي.
وعرّف الكلِّي بأنه ما (لاَ يَمْنَعْ نَفْسُ تَصَوُّرِ مَفْهُومِهِ مِنْ وَقَوعِ الشَّركَةِ فِيهِ) يعني: إذا تصوره العقل هذه التعاريف يمكن أخذها ببساطة، فنقول: ما تصوره يعني: فهِمه العقل، وجوَّز وقوع الشركة فيه. حينئذٍ نسميه كُلّياً، بمعنى أن كل فردٍ يصدق عليه هذا الكلِّي.