"مررت بالرجل" أل حرف معنى، وإذا دخلت على رجل صارت الرجل، الرجل هذا مؤلَّف من كلمتين هذا قطعاً مؤلَّف من كلمتين، لكن هذه الكلمة الأولى مُزِجت يعني: صارت كالأصل، والدليل على ذلك: أن العامل إذا دخل ما دخل على أل، وإلا قلنا أل اسمٌ وليست بحرف لدخول حرف الجر عليها وليس كذلك، وإنما نقول: نُزِّلت مُنزلة الجزء من الكلمة، ولذلك تخطاها العامل.
فلما نظروا إلى العامل أنه تخطَّى هذه الحروف قالوا: إذاً هي ليست حروفاً مستقلة، وإن كان لها أثر في المعنى بدليل تخطي العامل فحينئذٍ نقول: صارت كالجزء من الكلمة، المناطقة أبوا ذلك؛ لأنهم لا يلتفتون إلى العمل، إنما ينظرون إلى الأصل .. مركب، وهذا مسلَّم أنه مؤلَّف من كلمتين، ولكلٍ وجهة هو مولّيها.
إذاً: الكلمة عند المناطقة أخص من مطلق الفعل عند النحاة، فيشتركان في ضرَبَ ونحوه، وينفرد الفعل النحوي في بِأضرب ونحوه.
فهذا فعلٌ لا كلمة؛ لأنه مركبٌ عندهم لا مفرد.
الأداة هي: ما يقابِل الحرف، هكذا قيل: ما يقابل الحرف، بل هي أعم.
لو قيل: الأداة ما ليست اسماً ولا كلمة لكان أولى؛ لأنه سيأتي أن الروابط في القضايا أنها تسمى أداة، ومنها ضمير فصل.
إذاً: الأداة ما يقابل الحرف عند النحاة، والأولى أن يقال: غير الاسم والكلمة أداةٌ.
قال: (وَالمُفْرَدُ: إِمَّا كُلِّىٌّ، وَإِمَّا جُزْئِيٌ).
عرفنا أن المفرد يصدُق على: الاسم، والكلمة، والأداة.
المفرد، وأطلق المصنف هنا كعادة غيره، وقسَّم هذا المفرد إلى كُلّي وجزئي، هل دخل الفعل والحرف فينقسم إلى كُلّي وجزئي، أم المراد بعض المفرد؟ المراد بعض المفرد.
يعني: ليس المفرد هنا دخل فيه الأنواع الثلاثة: اسم وكلمة وأدة، لأن الأداة لا تنقسم إلى كُلّي وجزئي، والفعل لا ينقسم إلى كُلّي وجزئي على المشهور، وسيأتي كلام آخر، فحينئذٍ المراد هنا بالمفرد: الاسم، والاسم نوعان: اسمٌ اتحد معناه، واسمٌ تعدد معناه، المراد بالثاني "من باب الاحتراز": المشترَك اللفظي، المشترك اللفظ تعدَّد معناه، اتحد في اللفظ: عَين عين عين، هذه عين هذا عين، الشمس عين، القمر عين، المسجد عين، أنت عين ..
إذاً: اللفظ واحد والمعنى متعدِّد، هل هذا المعنى ينقسم إلى كُلّي وجزئي لا، إذاً بعض الاسم خرج كما خرج الفعل وكما خرج الحرف، أو إن شئت قل: الأداة.
إذاً: قوله: (المُفْرَدُ) ليس على إطلاقه؛ لئلا يهِم الناظر بأن كل ما يصدُق عليه لفظ المفرد أنه منقسِم إلى كُلّي وجزئي لا، بل المنقسم في الاستعمال عندهم والذي عليه العمل هو الاسم، وليس كل الاسم وإنما بعض الاسم؛ لأن الاسم على مرتبتين: منه ما اتحد معناه كرَجل وإنسان اتحد المعنى.
الإنسان الذي تقول: زيدٌ إنسان، عمروٌ إنسان، بكرٌ إنسان .. اتحد المعنى، المعنى هو نفسه، لكن إذا قلت: هذا عين، وهذا عين، وهذا عين، والعين باصرة والشمس عين، معاني متحدة؟ ليست متحدة، هذا يسمى لفظاً، أو اشتراكاً لفظياً. ليس مراداً هنا.
قال هنا: (جعلُ مورِد القسمةِ المفرد يعم الاسم والفعل والحرف).