إذاً: إنسان أُطلِق على: حيوانٌ ناطق، هذا يسمى ترتيباً.
(وهو) أي: الترتيب.
(جعلُها بحيث يُطلق عليها اسم الواحد، ويكون لبعضها نسبةٌ إلى بعضٍ بالتقدم والتأخر في الرتبة العقلية) وهذا ما يتعلق بالقواعد التي يذكرها المناطقة في باب الحدود وكذلك في الأقيسة، من حيث التقديم والتأخير.
قال هنا: (بحيث يُطلق عليها اسم الواحد) هذه حيثية تقييد، والباء للملابسة أي: جعلِها ملتبسة بحالة تقتضي تلك الحالة أن يُطلَق عليها اسم مخصوصٌ من غير أسمائها الموضوعة لمفرداتها.
كحيوانٍ ناطق فإنه يُطلَق عليه أنه تعريفٌ واحد، وكقولنا: العالم متغيِّر، الإطلاق هنا لكونه يسمى تعريفاً لا أنه إنسان.
وكقولنا: العالَمُ متغيِّر، وكل متغيِّرٍ حادِث فإنه يُطلَق عليه اسم القياس والدليل -هذا ترتيب- ونحو ذلك، فعُلِم أن تلك الحالة هي عُروض الجزء الصوري للجزء المادي.
إذاً: (وهو) أي: الترتيب.
(جعلُها بحيث يُطلق عليها اسم الواحد) وهذا خاصٌ هنا في فن المنْطِق.
(ويكون لبعضها نسبةٌ إلى بعضٍ بالتقدم والتأخر في الرتبة العقلية).
قوله: (بالتقدم) متعلِّق بالنسبة، وفي الرتبة العقلية متعلقٌ بها أيضاً، وذلك كحيوانٍ ناطق مثلاً، فإن الترتيب العقلي يقتضي تقدم الحيوان لأنه جنس، كما سيأتي.
وتأخُّر الناطق لأنه فصْل، فيقدَّم الجنس على الفصل.
قال: (وإن لم تكن مؤتلفةً كإنسان لا إنسان) هذا في الترتيب أو لا؟
(فإنه يُطلق على مجموعهما لفظٌ مركّب، ولبعضهما نسبةٌ إلى البعض بالتقدم والتأخُّر، فإن ثبوت الشيء مقدَّمٌ على نفيِه).
إذاً: وهو جعلُها بحيث يُطلق عليها اسمُ الواحد ويكون لبعضها نسبةٌ إلى بعضٍ بالتقدم والتأخر في الرتبة العقلية.
قوله: (وإن لم تكن مؤتلفةً) هذا عائدٌ إلى الترتيب.
(وإن لم تكن مؤتلفة) يعني: ليس بينهما أُلفة، فالترتيب لا يُشترَط فيه الائتلاف.
"إنسان لا إنسان" مركَّب وترتيب، لكنه لا أُلفة بينهما هذا نفي وهذا إثبات.
(ولبعضهما نسبةٌ إلى البعض بالتقدم والتأخر، فإن ثبوت الشيء مقدّمٌ على نفيه) فيه ترتيب (كذا قالوا.
ولعل الأنسب: أن المراد باسم الواحد نقيضان) اسم الواحد هنا في هذا المقام نقيضان: إنسان لا إنسان نقيضان.
على كلٍ سُمِّي مركباً أو سُمّي نقضيان المراد اسمٌ واحد.
(فإن المراد باسم الواحد هو الاسم المخصوص بذلك المركب الذي عرَض له الترتيب، وقولنا: لفظٌ مركّب ليس مختصاً به، بل يشمله وغيرهَ).
(أم لا) هذا عائدٌ للتأليف: ضمُّها مؤتلفة سواءٌ كانت مرتبة الوضع أم لا، فهو مرتبطٌ بقوله السابق في تعريف التأليف: سواء كانت مرتبة الوضع أم لا، وما بينهما اعتراضٌ. وهذا الذي شوَّش.
مثاله: ناطقٌ حيوان، فإن بينهما ألفة، هل بينهما ترتيب؟ الجواب: لا.
إذاً: (أم لا) يعني: بينهما ألفة لا ترتيب، ناطقٌ حيوان بينهما ألفة، لكن ليس بينهما ترتيب؛ لأن فيه تقدُّم وتأخُّر.
(فهو أعم) فهو أي: التأليف، أعم من الترتيب من وجهٍ.
(لأنه اعتُبر في التأليف وجود الألفة وفي الترتيب وضعُ كل شيءٍ في مرتبته، فيجتمعان في ضم أشياء مؤتلفة مرتبة كحيوانٍ ناطق وينفرد التأليف فيما لا ترتيب فيه كناطق حيوان، والترتيب بما لا أُلفة فيه كإنسان لا إنسان).